صورة نقيب الصحفيين وبديل “طنطاوي” المدني

خالد البلشي

 

انتخب خالد البلشي نقيبًا للصحفيين وصاحب ذلك تفاؤل كبير للباحثين عن التغيير في كل ساحة في مصر، امتدت الآمال في تغيير شامل بعد سنوات من التجمد للحياة النقابية والسياسية في مصر، جاء نجاح البلشي في انتخابات جرت على قاعدة قانون نقابة الصحفيين، وقاعدة السياسة المصرية الحاضرة سواء بإشراف قضائي أو حماية الداخلية المصرية للعملية الانتخابية.

هذه الانتخابات التي تمت الأسبوع الماضي، نقابية سياسية ارتضت قواعد العملية الانتخابية سواء في قبول النتيجة، ثم التعامل معها، إذن نحن أو أنت قبلت الدخول في عملية ديمقراطية نجح فيها مرشحك بعد قبولك قواعدها، لماذا إذن نعتب على النقيب المنتخب من جموع الصحفيين التقاط صوره له مع بعض أعضاء نقابته؟ أليسوا أعضاء؟ أليس البلشي نقيبهم؟ أم ترى نحذفهم من كشوف العضوية؟ هل نرضى أن يقوم النقيب المنافس عندما ينجح بفصل من لمن ينتخبه مثلًا؟

قبول قواعد العملية الانتخابية تعني قبولك بنتائجها، ورضاك بكل ما يترتب عليها من قواعد، أما قبول الـ”نص نص”، فهذا يُقبل مع أصدقائك على مقهى في حي شعبي، إذا دخلت انتخابات المحليات ـأين المحليات- مثلًا بعد شهور أو سنوات، فهي معلقة منذ 2011 لكن عليك أن تقبل نتائجها، إنما فكرة نجحتَ فالأمر رائع، خسرتَ نقلب الطاولة، فهذا منطق فتوات الحرافيش.

خالد البلشي نقيب لكل الصحفيين في انتخابات قبل بها أنصاره ومن انتخبه، وبالتالي من حق عضو الجمعية العمومية التقاط صور مع نقيبه، ولكن لماذا التركيز على صورة النقيب مع الأعضاء الثلاثة للنقابة؟ يعود ذلك لأهمية الصحافة والإعلام في المجتمع، أما السبب الثاني يعود لأصحاب الصور أنفسهم، فهذا النقيب محسوب على اليسار -فهل قطع اليسار علاقته بالسلطة خلال 40 عامًا؟-، وممثل لقوى سياسية مدنية فهو عضو حزب التحالف الشعبي، وممثل للحركة المدنية، ودعمه تيار الأخوان المسلمين في الانتخابات الأخيرة وإن كان من دون إعلان، أما طرف اللقطة الآخرين فهم ثلاثة من أبرز مؤيدي النظام والمدافعين عن قراراته كلها.

العائد بديلًا

انتهز السياسي أحمد طنطاوي رئيس حزب الكرامة المصري السابق مناسبة حلول شهر رمضان ليبشر جماهيره والشعب المصري بعودته في السادس من مايو/أيار المقبل إلى مصر لتقديم البديل المدني للحكم في مصر، وطنطاوي مقيم في بيروت منذ أشهر عدة للدراسة الأكاديمية كما أعلن عند مغادرته مصر، وكان قد غادرها فجأة وبلا مقدمات بعد بداية الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس المصري في إفطار الأسرة الشهير رمضان الماضي.

قبِل بالحوار كل من تم دعوته له، وكان حزب الكرامة برئاسة طنطاوي أول المرحبين بالحوار والمشاركين فيه، وكما للمعارك الانتخابية قواعدها، للحوارات أيضًا قواعدها كما للسياسة قواعد وللثورة أيضًا، لا تختلط القواعد بعضها ببعض، بل إن رئيس الكرامة هو من كتب بيان قبول الحوار الذي لم يبدأ بعد رغم مرور عام تقريبًا على إطلاق الدعوة له.

بينما ظهر طنطاوي في اجتماع الحركة المدنية في المساء كان في الصباح في بيروت!! وقيل إنه ذاهب لاستكمال دراسته والإعداد العلمي والأكاديمي له، فهل أنهى مدة تأهيله وإعداده للانتخابات الرئاسية القادمة خلال هذه الفترة القصيرة؟

لماذا يعلن رئيس الكرامة السابق عضو الحركة المدنية المشاركة في الحوار الوطني الآن وقبل أكثر من 16 شهرًا عزمه الترشح للرئاسة؟ قد تجيب عنه قائلًا حتى يستطيع خلال هذه المدة التجوال في طول البلاد وعرضها ليحصل على التوكيلات اللازمة للترشح، يحتاج الترشح لـ100 ألف توكيل للمرشح من 15 محافظة مصرية على الأقل لقبول أوراق ترشحه، فهل سيسمح النظام الذي يحاصر أي تحرك لأي حزب خارج مقره لأحمد أن يتجول بحرية داخل مصر خلال هذا العام؟

جاء إعلان طنطاوي بعودته بعد بيان أصدره محمد أنور السادات منذ أسابيع عن التوجه لدى القوى السياسية للتوافق على مرشح رئاسي واحد، فهل يقطع أحمد الطريق على هذا المرشح التوافقي المزمع التوافق عليه؟ يذكرنا الموقف بحادث مثيل في الانتخابات السابقة، كانت القوى السياسية قد أعلنت أنها ستتقدم بمرشح واحد فقط بعد التوافق عليه، وخلال الاجتماع لدراسة الأنسب بين مرشحين عدة دخل أحدهم وهو رئيس حزب من باب الاجتماع معلنًا ترشحه سواء تم التوافق عليه أو لم يتم، وبهذا أغلق الاجتماع، وكانت الانتخابات بطلها موسى مصطفى موسى.

هل تشاور مع آخرين؟

إعلان الطنطاوي عودته لمصر بهذه السرعة غريب حقًا، نحن أمام عائد من رحلة دراسية يبدو أنها لم تتم أو لم ينجح فيها، وربما يكون أصابه الملل منها فقرر العودة وهذا حقه، لكن إعلانه تقديم البديل المدني المعرف بـ”الـ” التعريف فيه قدر من الشجاعة وربما التهور، هل كان خلال الأيام السابقة يجري محادثات حول ترشحه مثلًا؟ مع من كانت هذه المحادثات؟ مع من تشاور من الحركة المدنية مثلًا؟ تلك الحركة التي قال أحد قادة حزب المحافظين إن هناك أربعة أحزاب يحاولون التوافق على مرشح، ليس من بينهم الكرامة، إذن ليس طنطاوي مرشح توافق للحركة التي يمثلها، فهل تشاور مع المعارضة المصرية في الخارج وتحاور معها؟ واضح أيضًا أن هذا لم يحدث، ففي حوار مع أيمن نور رئيس حزب الغد قال إنه قد يرشح نفسه بشروط عدة.

إعلان طنطاوي يحتاج تفاصيل كثيرة، ولا يصح أن يصبح مبهمًا لأيام عدة، عليه أن يشرح أولًا السبب الحقيقي لخروجه بعيدًا عن موضوع الدراسة والتجهيز، وإن لم يكن هذا هو السبب فما السبب؟ ما الذي تغير ليعود؟ من سيدعمه في الانتخابات؟ ما تحالفه إن كان لديه تحالف؟ ما موقفه من مرشحين آخرين ربما يظهروا قريبًا؟ ثم بعد كل ذلك على طنطاوي أن يقول لنا كيف أمضى شهوره في لبنان؟ وما برنامج ترشحه وحيدًا بلا تحالف للرئاسة؟ هذا إن كنا نحن الرعايا -الشعب- في حسبان المرشحين للانتخابات، وإذا كانت هناك انتخابات!!

المصدر : الجزيرة مباشر