حقيقة العلاج بالطاقة.. هل يطرد الملح الطاقات السلبية؟!

انتشر في الفضائيات وعبر وسائل التواصل من “يصفون” أنفسهم بالمعالجين بالطاقة ومعظمهم “يزعمون” أن الملح يطرد الطاقات السلبية “وينشر” الإيجابية، ونحن نرفض الاستخفاف بالعقول وتحويل الإنسان من مخلوق “يمتلك” إرادته إلى شيء يمكن تغيير حياته بالملح!!

الطاقة هي القدرة على العمل؛ أيًّا كان نوع العمل والهدف منه، ولن يسلبها منا غياب الملح.

السلبية تأتي من السلب؛ أي السرقة والانتزاع؛ وجميعنا نسمح للأفكار السلبية والتصرفات السلبية وبعض الأشخاص السلبيين “بسرقة” طاقاتنا أحيانا، ومن “الشجاعة” النفسية واحترام النفس والعمر الاعتراف بدورنا في ذلك وعدم إهانة النفس وتبرير ذلك “بقلة” الملح في بيوتنا!!

من الخطورة “تعطيل” الحياة بأيدينا وصنع التراجع والهزائم بأنواعها بالاعتماد على مصدر “خارجي” للتخلص من الطاقات السلبية أو من أي شيء يؤخر انطلاقاتنا التي “نستحقها”؛ فنصنع عجزنا بأيدينا.

الجروح والملح

يقولون: “الملح الخشن يقوم بتفتيت الطاقات السلبية”؛ ولو جمعنا ملح الكون كله لن يُغير ما نضعه بعقولنا وقلوبنا “ويسيطر” على أعمارنا ويتحكم في تعاملنا مع أنفسنا ومع الآخرين ومواجهتنا لما يضايقنا ولو بعد حين، ويؤكدون أن مسح الأرضيات بماء مضاف إليه ملح يزيل الطاقات السلبية، ولو مكثنا طوال الوقت في ماء به ملح لما طردنا أيّ فكرة سلبية.

ننبّه إلى منع وضع “الملح” على الجروح عند لوم النفس وقت شعورنا بالإنهاك وعندما نتوقع الأسوأ ونسمح للطاقات السلبية بالتوغل “والتغول” والسيطرة على مشاعرنا ثم على عقولنا وبعدها على تصرفاتنا وأعمارنا، وعندما نتكلم مع من يزيدونها ويرسخونها أو مع من يسردون علينا مصائب الدنيا؛ وكأن ما يضايقنا لا يكفينا ولا يكفيهم.

فلنرحم أنفسنا “ونحاصر” الطاقات السلبية، ولا نعطيها قبلة الحياة بالاستسلام لها أو “بتأجيل” النهوص بحياتنا من كبوتها.

جلد الذات يستدعي الطاقات السلبية وكذلك اللامبالاة وتبرير الأخطاء والتكاسل “والتهرب” من  تصحيحها “والتورط” في معارك جانبية تستهلك قدراتنا وتلقي بنا في دوائر السلبية المهلكة؛ والاعتدال مطلوب.

سموم وسواتر

لنتذكر أنه لا أحد إيجابي دوما؛ وستزورنا السلبية وتزيد مع الإجهاد النفسي والذهني والجسدي، ومع “الاستسلام” لضغوط الحياة التي تحاصرنا جميعا، وعدم أخذ “حقوقنا” في الراحة والترفيه اليومي “ومخاصمة” من يبثون سموم السلبية أو وضع سواتر نفسية تمنع امتصاصنا لسمومهم والمسارعة “بتطهير” العقل والقلب منها أولًا بأول لمنع تراكمها في “غفلة” منا لتلقينا أرضًا؛ كما يحدث أحيانا معنا جميعا.

نوصي بتجنب متابعة وسائل التواصل بغزارة وما تضمه من سلبيات، والتوقف عن الكلام مع  الذين “يتفنون” في ذكر كل ما هو سيّئ بالحياة ويتوقعون الأسوأ وينشرون مخاوفهم للجميع وعدم “التورط” في أي نقاش معهم؛ فمن السهل أن يجذوبنا إلى قاع السلبية الذي “يرتاحون” فيه ويرفضون ويقاتلون بشراسة من يحاول انتشالهم منه ويبغضون السعي لتحسين حياتهم ومواجهة مشاكلهم ويتشبثون بأن لا فائدة وينهكون من يساعدهم ويبثون التشاؤم فيمن حولهم؛ ليمنعوا أي تفكير في إنقاذ أنفسهم من السلبية ولدعم النفس بمن “يشبهونهم”.

فلنقلل زيارة الطاقات السلبية “ونمنعها” من الإقامة، ونجيد التعامل مع من “يصرون” على تصديرها إلينا.

لن نضع الملح عليهم ليصبحوا إيجابيين وسنركز في تحديد أنواعهم لنجيد التصرف مع كل منهم؛ فهم ينقسمون إلى عدة أنواع:

منهم: من يفعل ذلك لا إراديًّا بشكل اعتيادي، ويرفض تغييره، ويعتبر الدعوة إلى ذلك “عدوانا” على كرامته، ومن الذكاء “برمجة” النفس على تجاهل هذا النوع، وتذكير النفس بمزاياه، وطرد التفكير فى عيوبه، والانشغال بما يفيدنا.

وهناك آخرون يتعمدون زيادة تصدير الطاقات السلبية إذا لاحظوا الضيق منها، ولابد من “اختيار” تجاهلهم حتى لا يلجؤوا إلى العناد وتسوء العلاقة معهم ويؤلمونا.

القلة تستجيب للفت النظر؛ فيقللون تصدير هذه الطاقة السلبية، لأنهم لا يحبونها، ولا يتعمدونها، ويكرهون مضايقة الآخرين، وهم “وحدهم” الذين نتوجه إليهم “بلطف” وبأقل كلمات، ونخبرهم أن الطاقات السلبية لا تناسبهم لأنهم أفضل من ذلك.

وستفشل محاولة تغييرهم؛ فيجذبوننا للأسفل ويستنزفوننا، ونوصي بعدم انتقادهم وتركهم لشأنهم، وبأن ننصرف إلى ما يفيدنا وندعو لهم ونتنتفس الامتنان لأننا لسنا مثلهم ونتنبه إلى منع اقترابنا من السلبية.

في كل الحالات  نود وضع فلاتر تمنع امتصاصنا لهذه الطاقات الضارة، والتخلص من شوائبها أولا بأول، “والاستغراق” في أمور إيجابية، لأننا نستحق ذلك، بدلا من إهدار أعمارنا وطاقاتنا بالتوقف عند مضايقاتهم لنا، وتدريجيًّا سيقل تأثرنا بهم، مع الدعاء لأنفسنا وللجميع بحياة إيجابية.

من أسباب “تمكّن” السلبية من عقولنا وقلوبنا تذكّر أمور سيّئة تألّمنا بشدة بسببها  “وتنفسها”؛ وكأن الألم الذي عانينا منه وقتئذ ليس كافيًا لنزيده؛ والأفضل الفرح بانتهائها “وزرع” الرضا داخل أعمارنا والتشاغل عنها بأي شيء ولو قمنا بتمثيله “فسيطيعنا” العقل ويتشاغل عما يؤلمنا والعكس صحيح، فإذا استغرقنا في التألم من الماضي فسيتمادى العقل ويجعلنا “نتوقع” الوجع الأكبر وننتظره؛ وهو أقسى إيذاء للنفس نصنعه بأيدينا.

قد تنمو السلبية عند المرض والأزمات بأنواعها المادية ومشاكل العلاقات والإحباطات ممن لم نتوقع منهم السوء؛ ويجب التنبه عندئذ وتذكير النفس بأنها  “تضاعف” كل معاناة واستدعاء الإيجابية، والابتسام للنفس ولو بتمثيله سيهدينا هرمونات السعادة التي “تهدّئ” العقل وتمنحنا فرصًا تليق بنا لتحسين ما يمكن تحسينه وللمسارعة بالنهوض بالنفس والعكس صحيح؛ فالعبوس ينهك العقل والبدن ويضعف التفكير ويصنع الخسائر، وتلحق السلبية الأضرار الفادحة النفسية بإضعاف الثقة بالنفس وهي “أوكسجين” السعادة والنجاح وتؤذي الجهاز المناعي والقلب والجهاز الهضمي وتتسبب في أمراض كثيرة.

تقليل الخسائر مكسب؛ حقيقة “يرفضها” السلبيون ويحتضنها من يجيد حب نفسه؛ ولنضع في عقولنا القول البديع للرائع نجيب محفوظ: متى يصلح حال البلد؟ فأجاب “عندما يؤمن أهله بأن عاقبة الجبن أوخم من عاقبة الشجاعة”؛ فالإيجابية ومواجهة ما يؤلمنا “بشجاعة” ورفض الاختباء منه بالسلبية هو الحل الوحيد لنعيش بأفضل وأجمل وأزكى وأذكى ما يمكننا.

المصدر : الجزيرة مباشر