أكبر مسجد وأكبر كنيسة.. معركة الأكبر والأضخم والأطول!

فقد تلبست القوم حمي ما يسمى بالأضخم والأكبر والأطول وكل ما يمت إلى أفعل التفضيل من مرادفات

 

افتتاح مسجد ” الفتاح العليم ” وكنيسة الميلاد في العاصمة الإدارية الجديدة بمصر تُذكر بما كشفه الدكتور طارق الجمال رئيس جامعة أسيوط، في حوار نشرته جريدة الأهرام المصرية، أكبر الصحف الحكومية التابعة للنظام، من أن ميزانية الدولة للبحث العلمي بجامعة أسيوط لا تتجاوز المليون جنيه فقط، مؤكدا اضطرار الجامعة لاستكمال احتياجاتها من مواردها الذاتية الضئيلة

تقتير هنا وإسراف هناك

 مع التقتير هنا نجد الإسراف المبالغ فيه من قبل الدولة هناك في عاصمتها الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات التي تهدر فيها الأموال ببذخ وكل ما يعود على الوطن من نتائج تلك المشروعات صفر كبير يضاف إلى غيره من الأصفار التي دأب الجنرال على جمعها متشدقا بحكمته الممجوجة الرائدة: “يعمل إيه التعليم في وطن ضائع”؟!

 فقد تلبست القوم حمى ما يسمى بالأضخم والأكبر والأطول وكل ما يمت إلى أفعل التفضيل من مرادفات، فها هي الدولة تفتتح أكبر مسجد في الشرق الأوسط في العاصمة الإدارية؛ حيث افتتح السيسي ومعه البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مسجد ” الفتاح العليم ” والذى يعد أحد أكبر المساجد في العالم، بسعة إجمالية للمسجد والمصلى حوالى 17 ألف شخص على مساحة من الأرض تبلغ 106 أفدنة 445.5 ألف متر مربع ، بإجمالي أسوار بلغت 3150 مترًا طوليًا ، وارتفاع المآذن 95 مترًا دون التاج والهلال بما يعادل 31 دورًا، بإجمالي عدد 21 قبة . حيث ظل ما يهم هو فقط اقتناص اللقطة التي يريد أن يصدرها السيسي ونظامه عن الأكبر حجما والأطول والأكبر مساحة، أما لمن هذا؟ وما هو وجه الاستعجال في إنجازه؟ وما الاستفادة منه الآن في منطقة غير آهلة بالسكان حتى يومنا هذا؟! وهناك من المشروعات الصحية والتعليمية ما هو أهم للمواطن في حياته من أكبر مسجد وأطول مئذنة.

 موسوعة غينيس

وحتى يدخل السيسي موسوعة غينيس للأرقام القياسية؛ افتتح أيضا أكبر كنيسة في الشرق الأوسط في العاصمة الإدارية ذاتها!، والتي تعد الأكبر في الشرق الأوسط كذلك؟، حيث تتكون من كنيستين كُبرى وصُغرى، وقاعة للمناسبات وقاعتين فرعيتين، وغرف تعميد واستراحة وغرفة للكنترول، وشُيدت الكاتدرائية على مساحة 15 فدانا أي ما يعادل 63 ألف متر مربع، وتعد كنيسة العاصمة الإدارية أكبر كنيسة فى الشرق الأوسط.

 وكأن الجنرال ينافس حثيثا للوصول لموسوعة غينيس والمشاركة فيها هو ونظامه عبر أكبر مسجد وأكبر كنيسة، بيد أن الرئيس الأمريكي ترمب لم يبخل على سيسيه بما هو أكبر وأفضل من موسوعة غينيس، حيث غرد مقرظا إياه عبر تويتر قائلا: “متحمس لرؤية أصدقائنا في مصر وهم يفتتحون أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط. الرئيس السيسي يقود بلاده نحو مستقبل أكثر شمولية”، والسيسي بهذه التغريدة  حصل على مراده وبغيته؛ فهو يعلم أن لا شيء يعود على المصريين من أكبر كنيسة وأكبر مسجد في العالم، ولكن لا بأس… فترحيب ترمب نعم الجائزة ونعم التكريم، مع أن المسلمين والمصريون منهم بالذات لم يشتكوا يوما من قلة المساجد ولا المسيحيين عندهم أزمة في الكنائس والأديرة خاصة إذا ارتبط الأمر بصحراء جرداء ، ولكن من قال لكم أنه يبني المسجد والكنيسة حبا في الوطن والمواطنين؟

البحث العلمي

. ولم يكن المسجد والكنيسة هما الأكثر حظا في موسوعة الأرقام التي يحاول السيسي أن يحصل عليها؛ حيث يتم الآن في العاصمة الإدارية الجديدة بناء أطول برج في العالم، ليبلغ طوله عند اكتماله 1000 متر، ويتكون من 250 طابقا، بفارق 127 مترًا عن برج خليفة في دبي، المهم أن يكون البرج السكني أطول برج في العالم، حتى تحل العقدة وتحل جميع مشاكل مصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

أكبر مدينة ملاهى

وعلى نفس المنوال في الأكبر حجما سيتم تنفيذ أكبر مدينة ملاهي على مستوى الشرق الأوسط ضمن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وذلك على مساحة ٥ آلاف فدان وبطول ٣٥ كيلومترا، وهذه المدينة تعد الجزء الترفيهي داخل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، حسب تصريحات المسؤولين، وعلى نفس المنوال وقعت مصر 3 عقود استثمارية واتفاقية لإقامة مدينة ترفيهية متكاملة بالعلمين باستثمار أميركي سعودي مشترك على غرار “ديزنى لاند” بتكلفة استثمارية 3.3 مليار دولار على مساحة 5080 فدانا. كل هذه المشروعات التي تحتاج لملايين الدولارات مشروعات ترفيهية ولا تعتبر من المشروعات الضرورية فهي لن تزيد الانتاج مثلا أو توفر صناعة تجعلنا نقتصد في الاستيراد من السلع الضرورية أو نقوم بتصدير انتاج للخارج، اللهم إلا إذا صدرنا لهم أكبر مسجد وأكبر كنيسة وأطول برج، وأضخم مدينة ملاهي..

 لا ضير.. فهذا نظام يبنى دولته من خلال المنافسة على الفوز في موسوعة غينيس للأرقام العجيبة!!

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه