تاجرت بلاده بنحو 600 ألف أفريقي.. رئيس الوزراء الهولندي يقدّم اعتذارا رسميا عن ماضي العبودية

مارك روته رئيس الوزراء الهولندي
رئيس الوزراء الهولندي مارك روته خلال إلقاء الخطاب (رويترز)

قدّم رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، اليوم الاثنين، اعتذارات رسمية باسم الحكومة عن دور الدولة الهولندية في العبودية، معتبرا أنها جريمة ضد الإنسانية.

وقال روته في خطاب في لاهاي “أقدّم اعتذارات باسم الحكومة الهولندية عما قامت به الدولة الهولندية في الماضي، لجميع العبيد في جميع أنحاء العالم الذين عانوا هذا النشاط، لبناتهم وأبنائهم ولكل أحفادهم”.

ولفترة طويلة، أبدى رئيس الوزراء الهولندي تحفظا بشأن إصدار اعتذار رسمي، قائلا إن عصر العبودية قديم جدا وإن الاعتذار من شأنه أن يذكي التوترات، قبل أن يغيّر رأيه في نهاية المطاف.

وأظهر استطلاع حديث أن 38% فقط من السكان البالغين في هولندا يفضلون إصدار الدولة اعتذارا رسميا عن العبودية.

وسبق أن قدّمت مدن أمستردام وروتردام وأوترخت ولاهاي اعتذارا رسميا عن دورها في تجارة الرقيق.

وفي وقت الخطاب ذاته، زار وزراء هولنديون سورينام، المستعمرة الهولندية السابقة في أمريكا الجنوبية، بالإضافة إلى 6 جزر أخرى في الكاريبي ما زالت تنتمي للملكية الهولندية “لمناقشة” القضية مع مواطنيها.

وجزر الكاريبي هي: بونير وسانت مارتن وأروبا وكوراساو وسابا وسانت يوستاش، إضافة إلى سورينام.

وكان هناك انتظار لخطاب رئيس الوزراء بشأن دور هولندا في العبودية والاتجار بالبشر في المستعمرات السابقة على مدى 250 عاما.

وأعلنت لجنة معينة من الحكومة، في يوليو/تموز الماضي، أنه يتعين على هولندا الاعتذار والعمل بقوة للتغلب على التداعيات المترتبة عليها العنصرية.

وتسرب خبر رغبة الحكومة في الاعتذار إلى الصحافة الهولندية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأثار ذلك جدلا حادا في البلاد وخارجها لأسابيع.

وأُلغيت العبودية رسميا في سورينام ومستعمرات هولندية أخرى في الأول من يوليو 1863، لكنها لم تنته فعلا حتى عام 1873 بعد فترة انتقالية دامت 10 سنوات.

وأرادت المنظمات المختصة في بحث تاريخ العبودية وإرثها أن يتم تقديم الاعتذار في الأول من يوليو، وهو التاريخ الذي يوافق 150 عاما على انتهاء العبودية في احتفال سنوي يسمى “كيتي كوتي” (كسر القيود) في سورينام.

كما قالت سيلفيريا جاكوبس رئيسة وزراء جزيرة سانت مارتن في الكاريبي لوسائل إعلام هولندية، السبت، إنها لن تقبل اعتذار هولندا إذا قدمته.

وأسهمت العبودية في تمويل “القرن الذهبي” الهولندي، وهي فترة ازدهار من خلال التجارة البحرية في القرنين السادس عشر والسابع عشر، وقامت البلاد بالاتجار بنحو 600 ألف أفريقي خصوصا نحو أمريكا الجنوبية والكاريبي.

وكانت للمقاطعات المتحدة -المعروفة حاليا باسم هولندا- مستعمرات مثل سورينام وجزيرة كوراساو الكاريبية وجنوب أفريقيا وإندونيسيا حيث كان مقر شركة الهند الشرقية الهولندية في القرن السابع عشر.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت هولندا بالنظر في إرث دورها في العبودية وتاريخها الاستعماري الذي بدونه لم تكن المدن الهولندية لتصبح ما هي عليه اليوم.

ومع نشوء حركة “حياة السود مهمّة” في الولايات المتحدة، تجدد النقاش في هولندا حيث لا تزال العنصرية تطبع حياة مواطني المستعمرات السابقة.

المصدر : وكالات