مصر.. أقساط الدين العام وفوائده تلتهم كامل إيرادات الدولة وزيادة 14%

وزير المالية المصري محمد معيط
وزير المالية المصري محمد معيط (رويترز)

كشفت أرقام الموازنة العامة المصرية للعام المالي المقبل عن زيادة كبيرة في أعباء الدين العام، لتصل نسبتها إلى 114% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة.

وبحسب البيان المالي للموازنة العامة للدولة للعام المالي (2023-2024) فقد بلغت قيمة فوائد الدين العام المحلي والخارجي الواجب سدادها خلال العام القادم 1120 مليار جنيه (36.3 مليار دولار) مقابل 775.2 مليار جنيه (25.1 مليار دولار) في العام المالي الحالي بنسبة زيادة بلغت 44.5%.

وبلغت قيمة الأقساط الواجب سدادها من الدين العام المحلي والخارجي عن العام نفسه 1316 مليار جنيه (42.6 مليار دولار) مقابل 965.5 مليار جنيه (31.3 مليار دولار) في العام المالي الحالي بنسبة زيادة بلغت 36.3%.

وبهذا يصل إجمالي أعباء الدين العام خلال العام المالي المقبل إلى 2436 مليار جنيه (78.9 مليار دولار) مقابل 1741 مليار جنيه (56.3 مليار دولار) خلال العام المالي الحالي بنسبة زيادة بلغت 40%.

وبحسب البيان الذي ألقاه وزير المالية المصري محمد معيط أمام مجلس النواب أمس الثلاثاء، فإن إجمالي الإيرادات العامة للدولة المتوقعة خلال العام المالي المقبل الذي يبدأ في يوليو/تموز تبلغ 2142 مليار جنيه (69.3 مليار دولار) أي أقل بنحو 294 مليار جنيه (9.5 مليارات دولار) من أعباء خدمة الدين.

ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 30.9 جنيهًا، حسب البنك المركزي المصري.

فقد الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي خلال عام واحد (غيتي – أرشيفية)

تمويل بالدين

وللعام الثاني على التوالي، سيكون تمويل جميع أبواب الموازنة العامة باستثناء الفوائد عن طريق الاقتراض (الأجور 470 مليار جنيه – شراء السلع والخدمات 139.4 مليار جنيه – الدعم 529.7 مليار جنيه – المصروفات الأخرى 145.1 مليار جنيه – الاستثمارات العامة 586.7 مليار جنيه).

وبحسب البيان المالي، فإن الاحتياجات التمويلية (القروض) للعام المالي المقبل تبلغ 2140 مليار جنيه (69.3 مليار دولار).

تضخم غير مسبوق للدين العام

يأتي هذا في ظل تضخم غير مسبوق لحجم الدين العام المصري، إذ كشف البنك المركزي المصري عن ارتفاع الدين الخارجي نهاية العام الماضي إلى 162.9 مليار دولار، من 145.5 مليار دولار نهاية عام 2021 بنسبة زيادة بلغت 11.9%.

كما أظهرت بيانات البنك بلوغ الدين العام المحلي 4742 مليار جنيه بنهاية يونيو/حزيران 2020.

ولم يكشف البنك المركزي المصري عن أحدث البيانات المتعلقة بحجم الدين العام الخارجي في نهاية الربع الأول من العام الجاري 2023، الذي يغطي الأشهر الثلاثة من يناير حتى مارس/آذار.

كما لم يكشف المركزي عن حجم الدين العام الداخلي عن الفترة من يوليو 2020 حتى نهاية مارس الماضي التي تُقارب العامين.

يُذكر أن حجم القروض المحلية للحكومة في العام المالي 2020-2021 بلغ 845.1 مليار جنيه، ليصل إجمالي الدين العام المحلي في نهاية يونيو 2021 إلى 5587.2 مليار جنيه.

ويشار إلى أن الدين العام الخارجي لمصر بلغ نحو 43 مليار دولار نهاية يونيو 2013، وقت إعلان الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب للبلاد الرئيس الراحل محمد مرسي، كما بلغ الدين العام الداخلي نحو 1.5 تريليون جنيه.

ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 33.9% خلال مارس/آذار الماضي (رويترز)

خفض التصنيف الائتماني

دفعت هذه الأوضاع وكالة (فيتش) للتصنيف الائتماني إلى تعديل نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية، للمرة الأولى منذ عام 2013.

وخفضت الوكالة، الجمعة الماضية، تصنيف مصر درجة واحدة من “+B” إلى “B”، مع تحويل نظرتها المستقبلية إلى “سلبية”، مما يؤشر إلى أنها قد تخفض التصنيف أكثر في الأشهر المقبلة بسبب مشكلات البلاد الاقتصادية.

وتحدثت الوكالة في بيان عن ازدياد مخاطر التمويل الخارجي في ضوء الاحتياجات التمويلية المرتفعة، وتشديد شروط التمويل الخارجي، مشيرة إلى أن مستويات الدين العام المرتفعة في مصر لا تزال تمثل ضَعفًا رئيسيًّا في التصنيف.

وتوقعت الوكالة أن يتأثر النمو في مصر بسبب التضخم ونقص العملة الأجنبية وتشديد السياسة المالية وزيادة عدم اليقين الاقتصادي.

وكانت وكالة التصنيف الائتماني (ستاندرد آند بورز) قد أعلنت، في أواخر أبريل/نيسان الماضي، أنها أعادت النظر في تقديراتها لدرجة آفاق الدين المصري من “مستقر” إلى “سلبي”، محذرة من مخاطر عدم القدرة على تلبية احتياجات البلاد التمويلية الخارجية إذا لم تنفذ الإصلاحات الاقتصادية المرتبطة ببرنامج قرض صندوق النقد الدولي.

وجاء قرار (فيتش) للتصنيف الائتماني بعد أشهر قليلة من خطوة مماثلة لوكالة (موديز) التي خفضت تصنيف مصر الائتماني إلى “B3” في فبراير/شباط الماضي.

وتشهد مصر إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها، ففي عام واحد، فقد الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي، وارتفع معدل التضخم السنوي في البلاد إلى 33.9% خلال مارس الماضي، مسجلًا أعلى مستوى له على الإطلاق.

المصدر : الجزيرة مباشر