صاحب عقيدة الأضواء التسعة ومنظمة الذئاب الرمادية.. ماذا تعرف عن حزب الحركة القومية التركي؟ (شاهد)

جاء تأسيس تحالف الجمهور، أو ما يُعرف أحيانا باسم “تحالف الشعب”، في 20 فبراير/شباط عام 2018، تتويجا للتقارب الواضح الذي بدأ بين حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية عقب محاولة الانقلاب عام 2016.

فما هو حزب الحركة القومية، وماذا نعرف عنه، وما طبيعة الدور الذي يمكن أن يؤديه في الانتخابات التركية المقبلة؟

حزب الحركة القومية (MHP) هو حزب تركي أُسّس عام 1969 على أنقاض حزب الأمة الريفي برئاسة ألب أرسلان توركيش، ممثلا لليمين القومي في البلاد.

شارك الحزب في تشكيل ثلاث حكومات، وأدى تحالفه مع حزب العدالة والتنمية بدءا من  2018 إلى تحويل نظام الحكم في تركيا من النظام البرلماني إلى الرئاسي.

يَعُد الحزب نفسه “ممثلا للمبادئ القومية” التي تبناها مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك. وقال توركيش لدى تأسيسه الحزب إن حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك ابتعد كثيرا عن مبادئ مؤسسيه، مضيفا أنه “لو لم ينحرف حزب الشعب الجمهوري عن أيديولوجية أتاتورك، لما تأسس حزب الحركة القومية”.

وفي أول لجنة إدارية عامة انعقدت بعد المؤتمر التأسيسي الكبير لحزب الحركة القومية، تم تحديد شعار الحزب بـ”الأهلّة البيضاء الثلاثة” مع خلفية حمراء، المشابه تقريبا لعَلَم جيش الدولة العثمانية في العصور الأولى، وتم اعتماد شعار “الذئب في الهلال” لفروع الشباب في الحزب، إذ إن الذئب هو رمز للشرف في تركيا.

شعار “الذئاب الرمادية” بالأزرق (الجزيرة)

وأُسّس الفرع الشبابي للحزب باسم “الشباب المثالي”، واتخذ لنفسه شعارا عبارة عن هلال بداخله ذئب، ليُعرف لاحقا باسم منظمة “الذئاب الرمادية”.

وتُسمى منظمة “الذئاب الرمادية” أيضا تنظيم “الشباب المثالي”، لكن التسمية الأولى هي الأشهر، وتعود إلى أسطورة قديمة تتحدث عن حرب إبادة تعرّض لها الأتراك ولم ينجُ منها سوى طفل واحد، اضطر إلى الزواج بذئبة، وأنجب منها 12 ابنا أعادوا بناء القبائل التركية.

وكما جاءت التسمية من تلك الأسطورة، جاء الشعار والشارة أيضا، وتحوّل إلى شعار القوميين المميز، في إشارة منهم إلى اعتقاد يعني “نقاء الجنس التركي والهوية المميزة”.

يعارض الحزب، على لسان رئيسه دولت بهشلي، محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني، كما يعارض الانضمام إلى الاتحاد الأوربي.

أما عقيدة الأضواء التسعة التي وضعها مؤسس الحزب ألب أرسلان توركيش، فلا تزال العمود الفقري لأيديولوجية الحزب وعمله.

وقد طرح توركيش هذه العقيدة عام 1969، من أجل الاتحاد حول وجهة نظر وطنية، من أجل حماية “الدولة التركية المستقلة الأخيرة” من المذاهب والأنظمة الإدارية الأجنبية، وخاصة الرأسمالية والليبرالية والشيوعية.

في حين يتم تقديم كل ضوء من الأضواء التسعة على أنه مبدأ “الخير للجميع”، وهذه الأضواء هي:

1- القومية: وتُعرف أيضا بالوطنية، وهي أن على المواطن تقديم كل شيء إلى الأمة التركية، والتي يمكن تلخيصها بالولاء والمحبة والخدمة.

2- المثالية: بناء الشخصية التركية والعزة والوعي بما يتماشى مع الأخلاق والفضائل الإسلامية.

3- الأخلاق: وتُسمى مبادئ الحفاظ على الوجود السامي للأمة التركية، وتنميتها وفقا لعاداتها وتقاليدها.

4- العلوم: وهي مبدأ فحص الأحداث والوجود بفكر العلم عن طريق إزالة الأفكار المسبقة والأفكار اللاحقة، وجعل العلم هو القائد في جميع أنواع الأنشطة التي يتعين القيام بها.

أنصار حزب الحركة القومية في أحد المؤتمرات الانتخابية (رويترز)

5- الاجتماعية: هي الرأي القائل بضرورة تنفيذ جميع أنواع الأنشطة لصالح المجتمع، وتغطي قسمين منفصلين، هما الاجتماعي والاقتصادي، من أجل إنشاء نظام العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والضمان الاجتماعي ومنظمة المساعدة الاجتماعية كوجهة نظر اجتماعية.

6- الفلاحية: تهدف إلى التنمية من خلال دمج القرى في المدن الزراعية من أجل إنقاذ الفلاح من المرابين وتقديم القروض والمساعدات الأخرى التي يحتاجون إليها. وعلى وجه الخصوص، تهدف إلى تحقيق الرخاء للقرويين الذين يعيشون في منطقة الغابات أولا وقبل كل شيء.

7- الحرية والفردية: ترتبط الفردية بالتنمية الشخصية للفرد، إذ يكشف التطور الشخصي عن شخصية الفرد من خلال مزجه مع البيئة والثقافة التي يقع فيها الفرد، بينما الحرية تعني الاستقلال والحرية المهمّين للعيش السلمي للبلدان والشعوب.

8- التنمية والشعبوية: يتطور الناس والحضارات دائما بالرغبة والسعي وراء الأفضل والأجمل والأكمل، لذلك يجب بذل الجهد دائما لتحقيق الأهداف، ولكن أن يكون الهدف في هذه الجهود هو النهوض والتقدم دون الابتعاد عن التاريخ والهوية الوطنية وجذور الأمة التركية.

9- التصنيع والتقنية: من أجل تنمية الأمة التركية، من الضروري التصنيع بسرعة، والاستعداد للعصر النووي والفضائي.

حصل الحزب في الانتخابات التشريعية عام 1969 على 3% من الأصوات، ما مكّن رئيسه ألب أرسلان توركيش من دخول مجلس النواب لأول مرة ممثلا وحيدا عن الحزب، وارتفع عدد نوابه إلى 3 في انتخابات 1973، وشارك في حكومة الجبهة القومية برئاسة سليمان ديميريل في 31 مارس/آذار 1975.

ارتفع عدد نواب الحزب إلى 16 بحصوله على 6.4% من الأصوات في انتخابات 5 يونيو/حزيران 1977، وشارك في حكومة الجبهة القومية الثانية، ممثلا بخمسة وزراء أحدهم توركيش الذي شغل منصب نائب رئيس الحكومة.

واجه الحزب وأذرعه التنظيمية دعوى قضائية في أبريل/نيسان 1981. وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول من العام ذاته، أعلنت سلطات انقلاب 1980 إغلاق الحزب مثل جميع الأحزاب.

وفي الانتخابات البلدية عام 1994، تمكن حزب الحركة القومية من الفوز برئاسة 118 بلدية في 8 ولايات، وهو نصر لم ينسحب على الانتخابات العامة التي جرت في العام التالي 1995، إذ لم يتمكن الحزب من تجاوز العتبة الانتخابية 10%، مما حرمه من دخول مجلس النواب.

وعقب وفاة ألب أرسلان توركيش، انتُخب دولت بهشلي لرئاسة الحزب في 6 يوليو/تموز 1997.

زعيم حزب الحركة القومية دولت بهشلي (رويترز)

نَجَم عن انتخابات 1999 تشكيل تحالف حكومي من أحزاب الوطن واليسار الديمقراطي والحركة القومية، الذي حظي بـ12 وزيرا في الحكومة الجديدة، أحدهم دولت بهشلي بمنصب نائب رئيس الوزراء.

ومع تفاقم الخلافات داخل التحالف الحكومي، على وقع الانهيار الاقتصادي الذي عاشته البلاد، قرر التحالف الذهاب إلى انتخابات مبكرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، وهي الانتخابات التي أسفرت عن خروج حزب الحركة القومية من البرلمان، بعد نيله 8.3% من الأصوات، أي دون العتبة الانتخابية.

وتمكن حزب الحركة القومية من العودة مجددا إلى البرلمان في الانتخابات العامة التي أُجريت في 2007 بـ71 نائبا وبنسبة 14.29% من أصوات الناخبين. أما في انتخابات 2011، فقد تقلص عدد نواب الحزب في البرلمان إلى 53 بنسبة تصويت بلغت 14.27%.

شكّل حزب الحركة القومية مع حزب العدالة والتنمية في 2018 تحالفا باسم “تحالف الجمهور”، بهدف خوض الانتخابات معا.

وفي 24 يونيو 2018، فاز الرئيس رجب طيب أردوغان المرشح عن التحالف بالانتخابات الرئاسية، كما تمكن التحالف من الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان بواقع 53.7% في الانتخابات التشريعية التي جرت في اليوم نفسه، والتي خاضها الحزبان بقوائم منفصلة، نال فيها حزب الحركة منفردا 53 مقعدا بنسبة أصوات بلغت 11%.

وفي 2022، أعلن زعيم حزب الحركة القومية دولت بهشلي أن مرشح التحالف للانتخابات الرئاسية في 2023 هو أردوغان.

المصدر : الجزيرة مباشر