على وقع الإضرابات.. أكوام النفايات تحجب معالم باريس ورائحتها تملأ “عاصمة الأضواء” (فيديو)

انتشرت أكوام من القمامة قرب المعالم الأثرية الشهيرة في العاصمة الفرنسية باريس، بسبب إضراب العمال احتجاجًا على مشروع إصلاح نظام التقاعد، وأصبحت جزءًا من المشهد في المدينة الأكثر استقطابًا للسياح بالعالم.

وبدلًا من أن يلتقط زوار “عاصمة الأضواء” باريس صور سيلفي أمام برج إيفل، أصبح جبل النفايات القريب منه هو الذي يجتذب عدسات هواتفهم، بعد انتشار أكوام من القمامة قرب المعالم الأثرية الشهيرة في العاصمة الفرنسية.

أكوام من القمامة على طول أحد شوارع باريس -14 مارس (AFP)

صورة قاتمة

وما مِن مؤشرات في الواقع إلى أي تحسّن في الوضع، إذ إن عمال النظافة وجمع النفايات التابعين لبلدية باريس صوّتوا صباح الثلاثاء لمواصلة إضرابهم إلى 20 مارس/ آذار على الأقل.

وأصدر وزير الداخلية جيرالد دارمانان مساء أمس تعليمات إلى قائد شرطة باريس، بأن يطلب من البلدية إحضار وسائل لرفع النفايات بسبب “الأوضاع الصحية” الناجمة عن تكدّسها.

وأفادت أوساط وزير الداخلية أن “الدولة ستتولى الأمر” إذا لم تستجب البلدية للطلب، أي أن الدولة بنفسها ستؤمّن الوسائل اللازمة لجمع النفايات ونقلها.

فأكوام النفايات التي تجمعت مثلًا على ضفاف نهر السين والممتدة على مقربة من كاتدرائية نوتردام الشهيرة، تحجب رؤية التحفة المعمارية التي بنيت بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر في قلب العاصمة الفرنسية.

من أمام برج إيفل في باريس -15 مارس (AFP)

أما الزوار الذين يرغبون في تأمل برج إيفل فهم “مجبرون” عند خروجهم من مترو الأنفاق، على السير بمحاذاة سور من أكياس النفايات البلاستيكية السوداء، حيث اجتاحت الصناديق المرمية وبقايا الطعام وكل أنواع القمامة، الأزقة الرومانسية في وسط العاصمة.

وقالت سائحة كندية بعد التقاطها صورة لكومة من النفايات في الحي اللاتيني “لم أرَ مثل هذا المشهد في كندا يومًا” متوقعة أن يؤدي ذلك إلى “تنفير السياح الذين سيغادرون ولن يعودوا!”.

وقال سائح جاء من ولاية تكساس الأمريكية إنه آسف “للرائحة” المنبعثة من النفايات، ووصفها بـأنها “مقززة”، وأيدته في ذلك سائحة من المكسيك أبدت انزعاجها مما تشمّه هنا وهناك في أرجاء المدينة الشهيرة بعطورها.

مشاة يمرون قرب كومة من أكياس القمامة المتراكمة في باريس (AFP)

باريس على وقع الإضرابات

وتعيش باريس على وقع غضب اجتماعي واسع أثاره مشروع لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون ينص على رفع سن التقاعد القانونية من 62 إلى 64 عامًا.

ودأبت النقابات منذ شهرين على تنظيم تحركات عدة على نطاق وطني لدفع السلطة التنفيذية إلى التراجع، ومنها تظاهرات حاشدة بمشاركة الملايين، وإضرابات في المدارس وقطاعات النفط والكهرباء والنقل وغيرها.

فرنسا تشهد احتجاجات منذ شهور على قانون رفع سن المعاش (AFP)

العمل تحت “المطر والعواصف”

وفي هذا الإطار، ينفذ عمال جمع القمامة في باريس إضرابًا منذ أكثر من أسبوع، وقال أحدهم “نحن نعمل تحت المطر والثلج وعندما يكون الطقس عاصفًا”، واصفًا مهنته وزملاءه بأنها “شاقة”.

وأضاف “عندما نكون واقفين في الجهة الخلفية من شاحنة جمع النفايات، نتنفس الأبخرة المتطايرة، ونصاب بالكثير من الأمراض المهنية”.

أكياس القمامة تتراكم في العديد من الأماكن بعاصمة الأضواء (AFP)

وقالت عاملة أخرى يبلغ عمرها 56 عامًا وتعمل في مجال جمع القمامة منذ عقدين، إنها تدرك أنها ستعيش “فقيرة” إذ لا يتجاوز معاشها التقاعدي 1200 يورو على الأكثر، أي أقل من الحد الأدنى الحالي للأجور، وهو بالتالي غير كافٍ لمستقبل مريح.

ويواجه زملاؤهما من الشركات الخاصة العاملة في بقية العاصمة مشكلة إغلاق مواقع الحرق، وأدى ذلك تاليًا إلى تكدّس أكثر من 7 آلاف طن من النفايات يوم الثلاثاء، وفقًا للبلدية، وهو حجم يزيد يومًا بعد يوم.

وكانت النتيجة أن آلاف السياح الذين كانوا موجودين في باريس ويحاولون تعويض بعض ما فاتهم خلال مرحلة الجائحة، وجدوا أنفسهم رغمًا عنهم وسط معمعة نزاع محتدم حول قضية اجتماعية.

المصدر : الفرنسية