الانتخابات الفلسطينية وعنق الزجاجة

 

منذ أن بدأ الحديث عن الانتخابات الفلسطينية تصدرت حالة الجاهزية كافة الأطراف الذين يعتقدون أنها المخرج الوحيد لإخراج الحالة الفلسطينية مما هي فيه أو من عنق الزجاجة الذي لبثوا فيه دهرا من الزمن فحالة الانقسام وانعدام الثقة بين الأطراف الفلسطينية وما ترتب عليها من معطيات على الارض دفعت بالكل الفلسطيني للمطالبة بالانتخابات كحل مفصلي لكل المشاكل الموجودة.

عقبات كثيرة اعترضت طريق الانتخابات لكنها ذابت بعد أن وافقت حماس والفصائل الفلسطينية على رؤية الرئيس محمود عباس بخصوص الانتخابات والتي تقوم على أساس قانون التمثيل النسبي الكامل الذي يعتبر غزة والضفة الغربية دائرة انتخابية واحدة وأن يفصل بين الانتخابات الرئاسية والتشريعية 3 أشهر أو أكثر

لم يكن الخلاف على رؤية الرئيس محمود عباس هو التحدي الوحيد أمام هذه الانتخابات وبدأت المطالبات للرئيس محمود عباس بإصدار مرسوم رئاسي للبدء في اجراء العملية الانتخابية تلك المطالبات التي اصطدمت بطلب السلطة الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي السماح بإجراء الانتخابات بالقدس الأمر الذي قوبل بالتجاهل من قبل الاحتلال.

طلب السلطة المقدم للاحتلال اعتبرته حركة حماس طلبا صادما مطالبة رئيس السلطة بإصدار المرسوم الرئاسي فورًا دون انتظار موافقة الاحتلال وتحويل الانتخابات في القدس إلى حالة اشتباك سياسي وميداني وشعبي.

أمام هذه المعطيات هل الساحة الفلسطينية وتحديدا حماس وفتح جاهزون للانتخابات أم لا؟

حركة فتح الحركة التي تتربع على عرش السلطة تعيش اليوم واقعا مختلفا عن السابق فلم تعد الحركة موحدة وانقسمت لقسمين قسم يدين بالولاء للرئيس محمود عباس وهم الاغلبية في الحركة بينما القسم الآخر يدين للقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان وبالتأكيد هذا سيؤثر على الحركة في اي انتخابات قادمة ويضع علامات استفهام حول مدى جهوزية الحركة داخليا لخوض الانتخابات.

حركة حماس التي تحكم قطاع غزة المحاصر والمنهك اقتصاديا وماديا هي الاخرى أمام تحديات كبيرة يفرضها الواقع عليها حيث إن الفترة التي حكمت فيها قطاع غزة تم حصارها فيها بشكل قوي ما جعل الفقر يحل ضيفا في كل البيوت وعجلة الاقتصاد تتوقف وإن تحركت تتحرك ببطء وأعداد البطالة في ازدياد مستمر لذا تعتبر الحالة الاقتصادية المتردية التي وصل لها القطاع وتبعاتها من أهم العوامل التي قد تؤثر على أصوات الناخبين.

الاحتلال الاسرائيلي بالتأكيد سيحاول جاهدا وضع العصي في دواليب الانتخابات الفلسطينية وأول مشكلة هي منع إجراء الانتخابات بالقدس خاصة بعد إعلان الإدارة الأمريكية عن القدس عاصمة لإسرائيل بالإضافة لمنع حرية حركة المرشحين المتوقعة بين الضفة وغزة أو حتى داخل الضفة الغربية فضلا عن اعتقال الاحتلال مرشحين وتحديدا من الإسلاميين.

هل ستجرى الانتخابات الفلسطينية ام لا؟

من خلال قراءة المشهد واضح أن الانتخابات هي مخرج لأزمات الكل الفلسطيني ولكن لا يمكن لهذه الانتخابات أن ترى النور أو تنجح إلا بتوفر العديد من العوامل أهمها إزالة حالة انعدام الثقة بين الأطراف وضمان أن يسلم كل الاطراف بنتائج هذه الانتخابات إن تمت.

الانتخابات مرهونة بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس هل يستجيب لنداء حركة حماس بإصدار المرسوم الرئاسي وتحويل الانتخابات في القدس إلى حالة اشتباك سياسي وميداني وشعبي أم سيبقى يحاول سياسيا بمطالبة العالم الضغط على الاحتلال لإجراء الانتخابات بالقدس وبهذا يبقى الشعب الفلسطيني يراوح مكانه في عنق الزجاجة منتظرا الفرج أو قل الانتخابات.

أصوات أخرى ذهبت بعيدا بالقول إن الانتخابات ما هي إلا مناورة سياسية من قبل الرئيس محمود عباس في ظل الإلحاح الأوربي المتزامن مع انتهاء دستورية الرئاسة والتشريعي ما دفع الفصائل الفلسطينية لحشر الرئيس عباس بالزاوية بالموافقة على رؤيته وكل ما يطلب لتسهيل سير العملية الانتخابية التي اصطدمت الآن بحائط المنع الإسرائيلي من إجرائها بالقدس فهل كان يعلم الرئيس أن هذه نهاية الطريق؟؟؟

من الواضح أن الانتخابات الفلسطينية ليست سهلة وأمامها تحديات كبيرة جدا لذا الحل الأمثل للخروج من عنق الزجاجة هو تعزيز الثقة بين الأطراف المنقسمة بخطوات على الارض وتحقيق المصالحة الفلسطينية والاتفاق على برنامج وطني يجمع الكل الفلسطيني ويخرج الحالة الفلسطينية مما هي فيه، كل هذه الخطوات من شأنها أن تهيئ الأجواء أمام إجراء الانتخابات الفلسطينية وتضمن أن أيا من الاطراف سيسلم بشكل ديمقراطي بنتائج هذه الانتخابات، دون ذلك ستبقى الحالة الفلسطينية تراوح مكانها دون أي تقدم يذكر .

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها