هل انسحب الإخوان طوعا من الحياة السياسية؟

 

 

عند أي تحرك في الساحة السياسية المصرية الآن وجب عليك الحذر من أن تدخل من دون أن تشعر تحت عنوان خاطئ يبدد المجهود ويشتت الأذهان حول ما تطرح.

فعنوان مثل فصل الدين عن السياسة كفيل وحده أن يخرج صاحب أي طرح ليس فقط من مساحة السياسة بل من مساحة الدين الصحيح.

ما طرحه المكتب العام لجماعة الاخوان مؤخرا وفق رؤيته المعلنة لا يندرج تحت العناوين التالية بأية حال

فهو ليس فصلا للدين عن السياسة لأنه لا يتجرأ على هدم هذا المبدأ المستقر عاقل فضلا عن كونه من مدرسة الإخوان المسلمين التي تنظر للشمولية وممارساتها في جميع الأُطر والسياسة من أهم جوانب الدين ممارسة وتطبيقاً وفناً.

كما أنه في ذات الوقت ليس فصلا للدعوي عن الحزبي، فالفصل العضوي الوظيفي بين الأمرين متيسر بمجرد تطبيق نموذج متخصص يفصل بين الدعوة والحزب في مساحة الرجال وأيضا في مساحة مسارات العمل ولا يحتاج مزيد تفعيل فهو بطبيعة الحال لو تم تطبيق نموذج يراعي التخصص يتحقق به الفصل دونما الحاجة لتنظير او اتفاق

أيضا ليس ما طرح من قبيل التنظير الكلاسيكي لفصل الدين عن الدولة فهذا أيضا نقيض فكرة الدولة في الإسلام فنموذج الدولة الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم أثبت أن للدين دولة تنافس وتحكم وتصالح وتهادن وتحارب وتضع الخطط وترسل السفراء بغض النظر عن تجارب من مارسوا الحكم وفق كيفية خاطئة لا تحكم على التجربة بالفشل بقدر ما تحكم على أصحابها بالبعد عن صحيح الدين

إذا ماذا طرح المكتب العام للإخوان المسلمين في هذا الجانب؟

ما طرحناه يتعلق بزاوية ضيقة جدا معنية بتعديل تموضع الإخوان داخل الحياة السياسية نستطيع تسمية ذلك بفصل التنافسية الحزبية عن الممارسة السياسية العامة وفق هذا الفهم لا ينافس الإخوان المكونات السياسية وفق إطار تنافسي حزبي ضيق بل يكتفون بممارسة السياسة في اطارها العام كرافعة اجتماعية وأداة ضغط سياسي تختار من الأحزاب الموجود من تدعمه ومن الرؤى المطروحة ما يتفق مع ما تحمل.

في جانب من ذلك تقوم الجماعة بتقليل الاحتقانان التي طالما صاحبت التنافس لتنطلق لمساحة أرحب في خدمة الفكرة وتفعيل الجميع في خدمتها في سياق من العرض والطلب فليس من الحكمة أن يمارس الجميع السياسة من منطلق تنافسي لكن هناك جوانب كثيرة تخدم هذا الغرض، فالإخوان بطبيعة الحال مواطنون لهم حقوق سياسية. لهم كتلة تصويتية معتبرة تستطيع ترجيح كفة أي تحرك سياسي.

لن تتحول الجماعة وفق هذا الوصف إلى مقاولي أنفار بقدر ما ستتحول لأداة ضغط وترجيح في الحياة السياسية من دون حرب تشن على الجميع بسببها أو منع الممارسة السياسية بمدعاة عدم الجاهزية للمنافسة.

ولعل السؤال الآن هل انسحب الإخوان طوعا من الحياة السياسية؟

الاجابة حصراً لا لن يحدث ما طرحناه هو تصويب أخطاء تلك الممارسة واختيار إطار أوسع عابر للأحزاب قد تتمتع فيه جماعة الاخوان بمساحة أرحب للممارسة والعمل في إطار تعاون مع مفردات الأمة وليس منافستها.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها