بالهجري

شاهد: “بالهجري” الطيار والمخترع عباس بن فرناس

تتناول الحلقة 13 من سلسلة بالهجري إنجازات العالم والمخترع الأمازيغي المسلم عباس بن فرناس، الذي ارتبط اسمه في الذاكرة الجمعية للناطقين بالعربية بأول محاولة للطيران، إلا أنه أثرى التراث الإنساني والعلمي بابتكارات واختراعات لا تقل أهمية عن أول محاولة للطيران في تاريخ البشرية.

نسبه

هو عباس بن فرناس بن ورداس التاكرتي الأندلسي، مهندس وفلكي وفيزيائي وكيمياوي وعالم رياضيات. ولد في رُندة بالأندلس وانتقل وعاش في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) في كنف الخلفاء الأمويين في قرطبة، حيث أبدع في مجالات علمية متعددة كان نتاجها تقديم نخبة من أهم المخترعات في تاريخ الإنسانية والتي ما زالت تلعب دورا مهما في حياة البشر في يومنا هذا.

ورغم أن اسم ابن فرناس ارتبط بمحاولته الجريئة للطيران قبل ألف عام من بدء إرهاصات الإنسان الحديث للطيران، فإن اختراعه للزجاج الشفاف وعدسات تصحيح البصر وقلم الحبر والساعة المائية وتطويره لطريقة رصد الأفلاك والأجرام السماوية لا تقل أهمية عن تجربته في الطيران.

تجربة الطيران

درس بإمعان حركة أجنحة الطيور عند طيرانها، واستخدم مهاراته الحسابية في حساب تناسب السرعة والرياح، ثم صنع رداءً كساه بالريش حول الأكمام ليكون بمثابة الجناح. ثم قام بالقفز من مكان مرتفع ونجح في التحليق لمدة من الزمن، إلا أن إغفاله لأهمية الذيل في عملية الهبوط أدى لوقوعه قبيل إتمام الهبوط وأصيب على أثر ذلك في ظهره، غير أنه تعافى بعد شهور من العلاج والراحة التامة.

ورغم أنه أغفل أهمية الذيل، فإن الباحثين لم يغفلوا أيضا أنه أجرى تجربته من دون الاعتماد على أخطاء من سبقوه، كما في التجارب العلمية عادة، بل كان هو الأول، وتجربته أعطت دروسا وخبرات لمن أتى بعده.

وفي مجال الكتابة، صنع ابن فرناس أول قلم حبر في التاريخ، حيث صنع اسطوانة متصلة بحاوية صغيرة يتدفق عبرها الحبر إلى نهاية الأسطوانة المتصلة بحافة مدببة للكتابة.

اختراعاته

تعمق ابن فرناس في دراسة الزجاج وتمكن من تطويعه لخدمة البشر، حيث صنع نسخا أولية من عدسات تصحيح البصر، والزجاج الشفاف الخالي من اللون.

ابتكر تقنية لتقطيع أحجار الكريستال الصلبة، بعد أن كانت ترسل من أوربا إلى مصر حصرا لتقطيعها، وقد استفاد الأوربيون من ابتكاره وطوروه بعد ذلك وأصبحوا رواد صناعة تقطيع وتصنيع أحجار الكريستال منذ القرون الوسطى وحتى اليوم.

وفي علم الفلك، طور ابن فرناس أداة فلكية لرصد النجوم، مؤلفة من حلقات تمثل مواقع الأفلاك الرئيسية في الكرة السماوية، وطوّر بنفسه أول قبة سماوية كان الناس يجتمعون فيها لمشاهدة النجوم والغيوم والسحاب، وهو تقليد لا يزال موجودا إلى اليوم، ويعتبر من أكثر التجارب إثارة ومتعة لكثير من الناس.

توفي ابن فرناس عام 274 هجري (887 ميلادي).

إعداد: أحمد خليل الجنابي
المصدر : الجزيرة مباشر