من علم العالم الأبجدية؟ هذا دليل واضح على تزييف التاريخ!!

يروج المؤرخون الأوربيون لفكرة أن الفينيقيين هم الذين علموا البشرية الأبجدية، واستسلم الكتاب العرب لهذه الفكرة، ومنهم شوقي ضيف، بالرغم من اعترافه بأن الفينيقيين خرجوا من جزيرة العرب في هجرة إلى ساحل البحر الأبيض.
إن هذه النظرية التي روج لها الغرب لم تجد حتى الآن من يتحداها، بالرغم من وضوح حقائق مهمة هي:
أن هناك نقوشا مكتوبة باللغة العربية في جزيرة العرب قبل هجرة الفينيقيين، وأن الفينيقيين تعلموا الكتابة باستخدام الحروف من العرب قبل أن يهاجروا إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط.
فلماذا روج الغرب لأن الفينيقيين هم الذين علموا العالم الأبجدية؟!!
هذا يدفعنا إلى التفكير في صلاحية المناهج العلمية الغربية؛ فإخفاء الحقيقة هو تحيز يؤكد عدم عدالة الغرب، وعدم مصداقية الكثير من نتائج الأبحاث خاصة تلك التي أنتجها المستشرقون.
لذلك فإن كتابة التاريخ تحتاج إلى نوعية جديدة من الباحثين الذين يتحررون من العبودية للغرب، والتبعية العلمية والمنهجية له؛ فهذه الحقيقة التي يحاول الغرب إخفاءها توضح الحاجة إلى وجود مناظير حضارية مختلفة لدراسة التاريخ، وعدم الاقتصار على النظريات الغربية.
إن خطورة المناهج العلمية الغربية تتمثل في تضييقها لنطاق المعرفة، والاقتصار فقط على ما يمكن أن يتوصل إليه الإنسان باستخدام حواسه.
لكن ماذا لو توصل البحث العلمي باستخدام هذه المناهج إلى حقائق يتعارض إعلانها مع مصالح الدول الكبرى، والسيطرة الاستعمارية، مثل حقيقة أن العرب هم الذين علموا البشرية الأبجدية واستخدموا الحروف والأرقام، وأن اللغة العربية هي اللغة الأولى في الكون، وأنها أم اللغات؟ ومن البراهين المادية على ذلك اكتشاف نقوش بالحروف العربية في جزيرة العرب قبل هجرة الفينيقيين إلى سواحل البحر الأبيض.
لذلك فإن البشرية تشتد حاجتها في القرن الحادي والعشرين إلى المنظور الحضاري الإسلامي الذي يستند إلى المصدر الأعظم للمعرفة، وهو القرآن الكريم وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
هذا المنظور الحضاري هو الذي يمكن أن يجعل الإنسان يكتشف الكثير من الحقائق التي يمكن أن يبني على ضوئها مستقبله.
القلم من أهم نعم الله
كانت السورة الأولى الذي أنزلها الله سبحانه وتعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم هي {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
وهذه السورة توضح أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الإنسان، وعلمه بالقلم، وعلمه ما لم يعلم. وفي ضوء تلك الحقيقة الساطعة الواضحة يجب أن نعيد التفكير في معنى حياتنا ووظيفتنا الحضارية.
إن القلم هو أهم الأدوات أثرا في حياة الإنسان، فبدونه لا يمكن تحقيق التعليم، ونقل المعرفة، والقلم إنما يكتب حروفا وكلمات.
في السورة الأولى من القرآن تتضح أهم الحقائق في حياة البشرية وهي أن الله سبحانه وتعالى هو الذي علمها اللغة العربية والحروف والكتابة بالقلم؛ حيث يقول القرطبي في تفسيره: “علم بالقلم يعني الخط والكتابة”.
وروى سعيد عن قتادة قال: “القلم نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه وتعالى، لولا ذلك لم يقم دين، ولم يصلح عيش، فدل على كمال كرمه سبحانه، بأنه علم عباده ما لم يعلموا، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ونبه على فضل علم الكتابة، لما فيه من المنافع العظيمة، التي لا يحيط بها إلا هو، وما دونت العلوم وما قيدت الحكم، ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم؛ إلا بالكتابة؛ ولولا هي ما استقامت أمور الدين والدنيا”.
وقال كعب الأحبار إن أول من علمه الله بالقلم هو آدم عليه السلام، أما ابن إسحاق فقد أورد أن إدريس هو أول من خط بالقلم. ولا تعارض بين القولين إذ إن إدريس قد أدرك ما يزيد على ثلاثمئة عام من حياة آدم عليه السلام.
نرفض خرافات الغرب العنصرية!
والقرآن الكريم هو المصدر الأعلى والأسمى للمعرفة، والله سبحانه وتعالى أعطانا المعرفة بفضله، وعرفنا وظيفتنا الحضارية، وأننا أبناء آدم عليه السلام الذي خلقه الله بيديه، وعلمه الأسماء وهي أساس اللغة العربية، فهي اللغة الأولى في هذا الكون وأم اللغات، وهي لغة بلا طفولة، أنعم الله بها على أبينا آدم عليه السلام، فهي بألفاظها وحروفها منطوقة ومكتوبة نعمة من الله سبحانه وتعالى، لكي تتمكن البشرية من الحياة على الأرض، والاتصال ونقل المعرفة وكتابتها.
هل يمكن أن نترك هذا المصدر العظيم، ونستسلم لخرافات الغرب العنصرية وتحيزه ضد العرب والمسلمين، وإخفاء إنجازاتهم والادعاء بأن ذلك هو نتيجة البحث العلمي، والاعتماد على الحفريات واكتشاف نقوش، بينما هناك اكتشافات أخرى في جزيرة العرب أقدم من تلك التي تم الاعتماد عليها؟!!
لماذا ينكرون فضل العرب؟!!
إن هذا يشكل مثالا واحدا فقط لعملية تزوير التاريخ وتزييفه وتضليل الناس، التي قام بها الغرب لتحقيق أهداف أيديولوجية. وهذه القضية توضح لنا أهمية التحرر من التبعية العلمية للغرب، وأن يتم تأهيل جيل جديد من الباحثين يتمكنون من إنتاج معرفة تاريخية أكثر شمولا وعمقا من تلك التي أنتجها الغرب.
إن الغرب تعمد أن يخفي الحقيقة حول الأبجدية، وادعى أن الفينيقيين هم الذين علموها للبشرية، وهو يعرف أن الفينيقيين تعلموا الأبجدية من العرب قبل هجرتهم من جزيرة العرب إلى ساحل البحر المتوسط.
إن اللغة العربية من أهم مقومات الهوية الإسلامية، وكشف تلك الحقيقة يزيد اعتزاز المسلمين بها باعتبارها اللغة التي علمها الله لآدم عليه السلام، وحروفها هي حروف مقدسة علمها الله لآدم، واستخدم القلم في كتابتها. وقد حافظ العرب عليها، وعلموا البشرية كيف تكتب بالحروف. وبالرغم من الاكتشافات التي تثبت هذه الحقيقة فإن الغرب حرص على إخفائها، والإصرار على نسبته اختراع الأبجدية للفينيقيين.
الدور الحضاري للحروف العربية
هل يجهل الغرب حقيقة الأبجدية العربية التي تم اكتشافها في اليمن، والتي يطلق عليها أبجدية المسند العربي، وأن الفينيقيين نقلوا هذه الأبجدية وتعلموها من العرب، وأن الأبجدية العربية أقدم بقرون طويلة من الأبجدية الفينيقية. وهذه الأبجدية طورتها الحضارة الإسلامية لتصبح الحروف العربية مصدر جمال فني وتستخدم في الزخرفة والعمارة، بالإضافة إلى نقل المعرفة.
من المؤكد أن الغرب يعرف ذلك، لكنه يخفي الحقائق التاريخية لتحقيق أهداف أيديولوجية، وأن عنصرية الغرب تمنعه من الاعتراف بالإنجازات الحضارية العربية.