نتيجة انتخابات الصحفيين في مصر.. التغيير قادم

لحظة اعلان فوز خالد البلشي ويظهر في الصورة النقيب المنتهية ولايته ضياء رشوان

 

من 4 شارع عبد الخالق ثروت، مقر نقابة الصحفيين بالقاهرة، جاء التغيير في انتخابات الصحفيين المصريين، حيث ضربوا مثلًا في رفض الإصرار على تحكّم السلطة في نقابتهم عبر وكلائها في النقابة.

لقد أطاح الصحفيون بـ”خالد ميري”، مرشّح السلطة المدعوم من الدولة والمؤسسات الصحفية والقنوات الفضائية، لكي ينجح مرشح تيار الاستقلال “خالد البلشي” المغضوب عليه من السلطة، ليحقق الصحفيون المفاجأة، فقالوا للسلطة “كِش ملك” نحن نستطيع.. والتغيير قادم لا محالة.

سلالم النقابة

ويشاء القدَر أن يعود لسلالم نقابة الصحفيين مجدها بعد طول غياب من التكفين والتغييب، ويكون أول حدث عليها هو المؤتمر الصحفي للنقيب الجديد خالد البلشي، وتخللته الهتافات بحرية الصحافة والصحفيين، لتعود سلالم النقابة إلى عهدها من جديد، فقد كانت من قبل مكان كل المظلومين الذين يحلمون بالتغيير.

لِمَ لا؟ وهي التي بدأت من فوق سلالمها إرهاصات حركة “كفاية” وبدايات ثورة 25 يناير، فقد كانت مكان الحالمين دائمًا بغَد أفضل لجميع الشعب المصري، فمِن فوقها نُظمت الوقفات، وتحركت المظاهرات، وكان آخرها مظاهرة “الأرض”، ومن بعدها كان القرار بتكفين النقابة وتغييبها.

وفي نظرة سريعة على انتخابات التغيير في نقابة الصحفيين، وجدنا أن هناك تصويتًا عقابيًّا ضد مرشح الحكومة، ليثبت الصحفيون أنهم ما زالت فيهم العزة والكرامة رغم الضغوط التي مورست عليهم في المؤسسات التابعة للدولة من خلال قوائم وُضعت لكي تنجح رغم إرادة الصحفيين.

الأصوات الاحتجاجية

ففي كل مرة كان يحصل مرشح اليسار أو المعارضة عمومًا في انتخابات نقابة الصحفيين على نحو 1500 صوت، والفائز بالنقيب -حاليًّا- حصل على 2500 صوت تقريبًا، أي بزيادة نحو 1000 صوت، ومعنى ذلك أن ممثلي اليسار ليسوا هم مَن اختاروه فقط، بل كذلك المعترضون على الحالة والأجواء، ومن ثمّ فالأصوات الاحتجاجية هي مَن دعمت فوز “خالد البلشي” على “خالد ميري”، وبالتأكيد فإن مراقبي الانتخابات والمتابعون يدركون ذلك من نتائج ممثلي المعسكرَين في انتخابات الأعضاء.

هذا بالإضافة إلى رقم المقاطعين غير القليل بالمرة، رغم حملات التجييش من المعسكرَين، وبخلاف أيضًا الأصوات التي ذهبت إلى المرشحين الآخرين في كرسي النقيب، والأصوات الباطلة.

لقد وجّه الصحفيون رسالة نتمنى أن تكون وصلت إلى الجميع، فقد أطاحوا أيضًا بمرشحي قائمة الدولة، ولم ينجُ منها سوى عضو واحد في مقعد عضوية مجلس النقابة، وهو الزميل محمد يحيى يوسف. أمّا المفاجأة الأخرى التي لا تقل عن مفاجأة فوز خالد البلشي، فهي عدم نجاح “السيناتور” محمد شبانة المعيَّن عضوًا بمجلس الشيوخ، ورئيس التحرير السابق للأهرام الرياضي، ومقدّم برامج، ورئيس نادي الصحفيين (هو يطلق على نفسه لقب السيناتور لا النائب).

وهنا المفاجأة، حيث تعيّن الحكومة صحفيًّا في مجلس الشيوخ، لم يصمد أمام أول تجربة انتخابية حقيقية، ليقول لهم الصحفيون إنه الصندوق الزجاجي الشفاف.

فهل تفهم الحكومة الدرس، وتتوقف عن الاستخفاف بالناس، والصحفيون جزء منهم؟!

مرشح المعارضة يكسب

وهكذا انتخب الصحفيون نقيبًا وأعضاء مجلس من خارج دائرة الحكومة التي بالغت في الاستخفاف بهم في ظرف الاستخفاف العام بالناس، والتعامل مع المشكلات بسطحية، وبيانات وأرقام كاذبة، لا يوجد لها صدى أو صِدق على أرض الواقع.

وكما سقط مرشح الدولة الصحفي صلاح منتصر عام 2003 أمام مرشح تيار الاستقلال النقابي جلال عارف، ورفض الصحفيون زيادة البدل التي جاء بها “منتصر”، ففاز جلال عارف، وحصلوا على زيادة البدل بعد أن انتخبوا مرشح المعارضة، وليتكرر الأمر مع خالد البلشي، ويتغير ولاء الصحفيين من انتخاب مرشح البدل خالد ميري، فانتخبوا مرشحًا مستقلًّا له أجندة تتعلق بالحقوق والحريات.

كانت حملة خالد البلشي تعتمد على شعار “معًا نستطيع”، ليؤكد جموع الصحفيين أنهم يستطيعون التغيير رغم التجييش الذي حدث في هذه الانتخابات من قِبل رؤساء التحرير والمؤسسات لصالح مرشح الدولة، إلا أن شباب الصحفيين لم ترهبهم التهديدات، ولا سياسة العصا والجزرة المتمثلة في زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا، ليوجهوا رسالة ضمنية إلى السلطة أن الشعب يريد التغيير، وأنهم طليعة المجتمع، وقادة الرأي والفكر فيه، ولن ترهبهم الضغوط.

قنوات غير محايدة

ليس هذا فحسب، بل وجّهت نتيجة الانتخابات رسالة إلى القنوات غير المحايدة، مثل (القاهرة الإخبارية) التي أجرت لقاء مع خالد ميري مرشح السلطة لمنصب نقيب الصحفيين، ورفضت استضافة خالد البلشي المرشح المنافس، أو أيّ من المرشحين الآخرين. وعندما انتقد نقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش القناة، وقال “هناك غياب للعدالة وعدم إنصاف”، وُجّهت إليه إهانة من رئيس القناة أحمد الطاهري، رئيس تحرير مجلة روزاليوسف، ورئيس قطاع قنوات أخبار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وقال “لا يوجد مرشح قوي لمنصب نقيب الصحفيين سوى خالد ميري، والقناة تستضيف مَن تشاء، ولا أحد يملي عليها أي شيء”.

لم تكن نتيجة انتخابات نقابة الصحفيين هي المفاجأة فقط، فللمرة الأولى في تاريخ النقابة ترفض الجمعية العمومية الميزانية، بسبب تجاوزات خطِرة، منها واجهة النقابة التي تكلفت نحو 9 ملايين جنيه، ومرتبات ومكافآت وغيرها، فرأت الجمعية أنها مبالَغ فيها، وتتضمن إهدارًا لأموال النقابة.

وقد حاول البعض تمرير الميزانية، لكن وقفة الصحفيين كانت صلبة، فرفضوا تمريرها، كما رفضوا الالتفاف حول نتيجة النقيب التي ظلت معلقة مدة طويلة رغم فوز “البلشي”، إلا أنهم كانوا يريدونها إعادة، ولكن وقفة الجمعية العمومية ومؤيدي “البلشي” حالت دون ذلك، ليفوز “البلشي” في النهاية.

هذه الانتخابات لها ما بعدها، والتغيير بدأ من داخل نقابة الصحفيين، فانتصار إرادة الصحفيين وترابطهم مؤشر مهم، وبشرى خير للجميع.

المصدر : الجزيرة مباشر