الشيخ خالد الجندي وتامر أمين وغيرهما.. لِمَ لا تأكلون لحوم الكلاب والخيل والحمير على الهواء مباشرة؟

يداهمنا من آن لآخر، إعلاميون مصريون محسوبون على فريق “الموالاة”، على شاكلة تامر أمين والشيخ خالد الجندي، بدعوات و”فتاوى” صادمة، غريبة وشاذة، تنطوي على مضامين منافية للذوق العام، والعادات والتقاليد المصرية. نبدأ بالإعلامي تامر أمين، فقد دعا منذ أيام، عبر شاشة تلفزيون النهار، إلى تناول “لحوم الخيل والحمير”، مستنكرًا علينا عدم استهلاكها في طعامنا، ومؤكدا أنها آمنة ومباحة “صحيا” في العديد من بلدان العالم المتقدم، وأن طبق لحم الحصان في مطاعم العاصمة الفرنسية باريس، هو الأشهى والأغلى ثمنًا.
الفصيلة الخيلية للركوب والجر.. وبائعو لحوم الحمير
دعوة “أمين”، حسب الظاهر، جاءت تعليقًا منه على واقعة ضبط جزار باكستاني في محافظة الدقهلية يبيع لحوم أحصنة بـ160 جنيها مصريا للكيلوغرام. تكمن مشكلة “أمين”، في استناده إلى واقعة بيع “لحوم الأحصنة”، والدعوة إلى تعميم أكل لحومها ولحوم الحمير، أنها حالة شاذة وجريمة (غش تجاري) مُعاقب عليها قانونًا، فـ”الجزار الباكستاني”، مثل غيره ممن يبيعون لحوم الحمير، ويزعمون كذبًا وخداعا، أنها من لحوم الماشية (الإبل أو البقر أو الغنم)، وإلا لما كان هناك بيع أو شراء.
الأحصنة والحمير والبغال من الفصيلة الخيلية التي تستخدم للركوب والجّر.. ومعلوم أن أثمانها مرتفعة جدًّا عن “الماشية”؛ إذ يصل ثمن الحصان بأسعار عام 2021 إلى نحو 200 ألف جنيه مصري، وأضعاف هذا الثمن حاليًّا مع انخفاض قيمة الجنيه.. ولا سيما أن سعر الخيول العربية هو الأعلى عالميًّا.
الجزار الباكستاني وأحصنته المريضة
إذا كانت أسعار لحوم “الماشية”، تدور حول مبلغ 300 جنيه للكيلوغرام، رغم أنها أرخص ثمنًا من الخيول، فليس منطقيًّا بيع لحوم “الأحصنة” بـ160 جنيها للكيلوغرام، إلا إذا كانت مريضة وعلى وشك النفوق، ومن ثم سارع الجزار الباكستاني إلى ذبحها وبيعها بهذا السعر المتواضع تقليلًا لخسائره، واستغلالًا منه لحاجة الناس الذين صارت اللحوم بعيدة المنال منهم، ولا يختلف الحال مع باعة لحوم الحمير. من هنا، لم يكن الإعلامي تامر أمين موفقًا، في الإمساك بواقعة الجزار الباكستاني، والتعلل بها ترويجًا لـ”لحوم الأحصنة والحمير والبغال”، وترغيبًا في استهلاكها، فلحوم هذا الباكستاني، قد تنقل أمراضها إلى من يتناولها.
المذيع وإدارة النقاش والحوار دون إفتاء أو تحيز
في معالجته قضية لحوم “الخيل والبغال والحمير”، أفتى “أمين”، في الدين والطب البيطري، والعلوم الاجتماعية، ناسيًا أن دور “المُذيع” هو إدارة النقاش والحوار حول قضية مطروحة، دون تحيّز، أو إفتاء بغير علم في كل التخصصات، وإلقاء الخُطب. “أمين” قال إنه “يظن” أن أكل لحوم الخيل والحمير مباح وحلال شرعًا، ولم يكلف نفسه استضافة عالم دين، ليفتي دينيًّا، مثلما لم يستضف خبيرًا بيطريًّا. كما لم يهتم “أمين”، باستقدام عالم “أنثروبولوجي” (علم يهتم بثقافة وتصرفات البشر اجتماعيًّا)، لمناقشة القضية معه، لكون “الطعام” مرتبطًا بثقافة الإنسان وعاداته وتقاليده وموروثاته، ومعتقداته الدينية. ذلك أن الطعام المُحبب للصيني كـ”الكلاب” مثلا، ليس بالضرورة مرغوبًا فيه لدى غيره.. بل يثير النفور لدى العربي والمصري، بغض النظر عن طهارة الكلب أو عدمها، أو كونه أليفًا.. مثلما أن إقبال “الفرنسي” على أكل لحم الحصان، لا يعني قبول غيره له.. وهكذا.
الشيخ خالد الجندي.. ومُداخلة “نزيه”
فقط، استعان “أمين” باستشاري التغذية وأستاذ التثقيف الغذائي الدكتور مجدي نزيه في مداخلة هاتفية “مقتضبة”، بدت كما لو كانت تأييدًا لما طرحه. نأتي إلى الشيخ خالد الجندي، ووظيفته الأصلية خطيب مسجد بوزارة الأوقاف، ومُقَدِم برامج تلفزيونية دينية، وكثيرا ما تصدر عنه فتاوى صادمة، ما أنزل الله بها من سلطان. لقد زعم “الجندي” على فضائية “dmc”، أن أكل لحوم الكلاب شرعي و”حلال” دينيًّا، وإن كان الرجل -للإنصاف- لم يدع صراحةً إلى أكلها، كما فعل زميله “تامر”. أستاذ الفقه المقارن الشيخ أحمد كريمة وآخرون من علماء الأزهر، تكفلوا بالرد على “الجندي”، في فتواه، وأكدوا حرمة أكل لحوم الكلاب شرعا، وكذبوه فيما زعمه من أن الإمام مالك أحل لحم الكلاب طعامًا.
سيرة الحمير والكلاب.. ورد الدكتورة شيرين
قبل أمين والشيخ الجندي، كنا قد فرغنا للتو من الضجة الإعلامية، عن منافع وفوائد أرجل الفراخ (الدجاج)، الصحية، تعدادًا لمزاياها من احتوائها على سعرات حرارية ملائمة، ونسبة عالية من البروتين، والفيتامينات والمعادن، التي تعيد نضارة الجلد، وتؤخر الشيخوخة، وربما تعيد الشيخ إلى صباه، وهذا كله مع هوان ثمنها، في ظل الغلاء الفاحش لأسعار كافة المنتجات والسلع الغذائية. ما دمنا على سيرة الحمير والخيول، والكلاب والقطط، فقد ردت وكيلة نقابة الأطباء البيطريين ورئيسة لجنة سلامة الغذاء بالنقابة الدكتورة شيرين علي زكي، على تامر أمين وخالد الجندي، وردّها منشور على صفحتها الشخصية بموقع فيس بوك. ومما جاء فيه أنه ثبت علميًّا أن هناك أمراضًا قد تنتقل إلى الإنسان من تناول لحوم مثل تلك “الحيوانات”، لما تحويه من طفيليات وأمراض، وأن رائحة لحومها كريهة، لاعتيادها تناول الفرائس والتغذي على دمائها، وأن الدراسات العلمية كشفت عن تأثر الطباع البشرية لمعتادي تناول هذه اللحوم بطباع الحيوانات؛ حيث يميلون إلى العدوان والشراسة واعتياد تناول اللحم الذي به متبقيات دماء، كما يميل بعض هذه القبائل إلى استمراء تذوق اللحم البشري.
أيها الإعلاميون في تلفزيونات مصر المحروسة المروجون للحوم الحمير والأحصنة والبغال والكلاب، وأرجل الفراخ.. لِمَ لا تبدؤون بأنفسكم، وتعطون المثل والقدوة، بتناول هذه اللحوم وأرجل الفراخ على الهواء مباشرة؟ هيا افعلوا.