بحث عراقي… يكشف عن إمكانية التنبؤ بالزلازل!

عندما تنبح الكلاب وتخرج الثعابين من الجحور!

صالح محمد العوض

أصبح هاجس العلماء الأول هو كيفية التنبؤ بالزلازل بعد الخسائر البشرية الكبيرة التي وقعت في زلزال تركيا الأخير، وفي خضم الجدل المحتدم حول هذا الأمر، فاجأتنا نبوءة العالم الهولندي “فرانك هوجربيتس” بزلزال تركيا وسوريا قبل وقوعه بأيام قليلة.. مما أعاد طرح نفس السؤال القديم: هل يمكن التنبؤ بالزلازل؟!!

نظرية جديدة

الحقيقة أن عالما عراقيا هو الدكتور صالح محمد العوض من جامعة بغداد خطف الأضواء، بعد أن أشار العالم الهولندي إلى بحثه المنشور في مجلة “Journal of Coastal Conservation” سنة 2021، ذلك أن الدكتورالعوض يضع نظرية جديدة ترى أن الزلازل تحدث بتأثير قوى الجاذبية بين الأرض والكواكب الأخرى.

فالعالم العراقي يؤكد أن تأثير جاذبية القمر والكواكب على الأرض يبلغ مداه عندما تصطفّ في خط مستقيم معًا، فتتأثر الأرض بالجاذبية الشديدة، مما يزيد ضغط صهير المعادن الذي يبلغ سمكه 300 كيلومتر أسفل القشرة الأرضية على الصفائح التكتونية، فيتسبب ذلك في حدوث الزلازل على أطرافها، وفي الأماكن الضعيفة منها.

ويضرب الدكتور العوض لذلك مثلا بالنشاط الزلزالي الذي حدث  سنة 2019 عندما توازت الأرض مع كوكب المشتري وزحل من جانب ومع الشمس من جانب آخر فحدث ذلك النشاط الكبير، ويقول إنه درس أكثر من عشرين زلزالا في الأعوام المئة الأخيرة فوجد أن 16 منها وقعت عندما كانت الأرض على خط مستقيم مع كواكب أخرى.

يرى الدكتور العوض كذلك أن النظرية القديمة التي تتحدث عن وقوع الزلازل بسبب حركة الصفائح التكتونية قديمة وغير مجدية، لأن صهير المعادن تحت القشرة الأرضية يتحرك في دوائر ثابتة لم تتغير منذ أن خلق الله الأرض.

لكن كيف يمكن إذن الاستفادة من هذا البحث في توقع حدوث الزلازل؟

وفق رؤية العالم العراقي فإن دراسة تاريخ الأرض وتاريخ الزلازل التي وقعت عليها، وجمع ملايين البيانات، ثم استحداث برامج ذكية يمكن تغذيتها بتلك البيانات مع الرصد الدائم لحركة الأرض مع الكواكب الأخرى ربما يكون ذلك كله قادرا على إعطاء توقع ما لحدوث الزلازل!

فشل أنظمة الإنذار المبكر

حتى الآن لا يستطيع أحد الجزم بأمر الزلازل ولا متى تحدث؟ وفي أي مكان من العالم؟ فمثلا في عام 2004، تسبب تسونامي نتيجة زلزال بقوة 9.1 درجات تحت سطح البحر قبالة إندونيسيا، في تدمير المجتمعات الساحلية حول المحيط الهندي، وهو ما أسفر عن مقتل 225 ألف شخص على الأقل في اثنتي عشرة دولة. ويعود السبب في هذا العدد الهائل من القتلى إلى حقيقة أن العديد من المراصد لم تتلق أي تحذير!

ومنذ ذلك الوقت والعلماء يحاولون البحث في طرق استشعارية تعطيهم أي إشارة يمكن على الأقل الاستدلال بها لتجنب تلك الخسائر الكبيرة، خاصة بعد أن فشلت أنظمة الإنذار المبكر التي صنعها الإنسان، مثل مستشعرات المد والجزر، في تقديم أي إنذار واضح.

هذا يعني أن العلماء حاولوا قديما أن يتنبهوا إلى الزلازل قبل وقوعها عن طرق الأجهزة، ولما فشلت راحوا يهتمون بسلوك الحيوانات التي لاحظوا تغيرا في سلوكها قبل وقوع الكوارث.

أبحاث على الحيوانات

هناك عالم إيطالي اسمه “ويكلسكي” يعمل في أبحاث برنامج مراقبة الحيوانات العالمي “إيكاروس” من محطة الفضاء الدولية منذ 2002 المهتم بمحاولة إثبات علاقة بين كوكب الأرض وأنظمته الفيزيائية وسلوك الحيوانات. يقول هذا العالم: “إن الحيوانات يتغير سلوكها قبل وقع الزلازل بـ18 ساعة!”.

لقد أظهر فيديو لإحدى كاميرات الشوارع قبل وقوع الزلزال الأخير في تركيا كلبًا يعوي بشدة أمام أحد المباني دون سبب واضح!!

حتى القدماء انتبهوا إلى سلوك الحيوانات قبل وقوع الكوارث، فقد كتب المؤرخ اليوناني “ثوقيديدس” قائلا: “إن الفئران والكلاب والثعابين هجرت مدينة هيليس قبل وقوع الزلزال الكارثي”.

وفي هذا السياق أشار تقرير في مجلة “Umwelt Dialog” إلى أن مركز أبحاث الجيولوجيا في بوتسدام بألمانيا ما زال العلماء يجرون فيه أبحاثا على 700 حالة تغير فيها سلوك الحيوانات قبل وقوع حوالي 160 زلزالا في 20 دولة بالعالم لمعرفة ما إذا كانت قادرة فعلا على التنبؤ بالزلازل.

الصين تراقب سلوك الثعابين

الصين اهتمت بالأمر، ولديها مكتب ملحق بإدارة الزلازل في “نانينج” لمراقبة سلوك الحيوانات خاصة القريبة من الأرض مثل الثعابين، لأنها قادرة على التنبؤ بالتغيرات التي تنعكس على سطح الأرض من داخلها، فهي تمتلك مجموعة قوية من حساسات الاستشعار لاكتشاف التغيرات في بيئتها، وقد لوحظ قبل وقوع زلازل خروج الثعابين من جحورها ولو كان ذلك في برد الشتاء!

بالتأكيد هناك استشعار ما لدى الحيوانات لأمور تهدد بقاءها.. مثلا في عام 2014 لاحظ العلماء في جبال “كمبرلاند” في شرق ولاية تينيسي الأمريكية أن هجرة جماعية لكل الطيور حدثت قبل وقت قصير من ضرب عدة أعاصير مدمرة للمنطقة.

وقد فسر ذلك علماء الأرصاد الجوية والفيزيائيين بأن العواصف الإعصارية تصنع موجات فوق صوتية قوية للغاية يمكنها السفر لمسافة آلاف الكيلومترات، وبإمكان الطيور أن تشعر بها على بعد 400 كيلومتر.

هناك إذن تحديات كبيرة أمام العلماء لإيجاد وسيلة للتنبؤ بكوارث الزلازل، فهل يفتح بحث الدكتور صالح عوض الطريق أمامها الآن؟ بالتأكيد ما زال الوقت مبكرا حتى نحصل على إجابة قاطعة عن هذا السؤال؟

المصدر : الجزيرة مباشر