محمد صلاح.. هل باع دينه بصورة زوجته مع الممثل الأمريكي فيريل؟

محمد صلاح وأسرته مع الممثل الأمريكي ويل فيريل

 

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وهاج روادها وماجوا، وانهالوا تقريعا وتبكيتا وتأنيبا وتعنيفا وإهانة، على اللاعب الدولي نجم ومهاجم نادي ليفربول الإنجليزي لكرة القدم محمد صلاح (مولود عام 1992) على خلفية الصور المنشورة له مع زوجته ماغي، وبينهما الممثل الأمريكي الكوميدي ويل فيريل، ويده على كتف زوجة “صلاح”، ومعهم ابنتاه مكة وكيان.

هذه الهجمات على “صلاح” ذكّرتني بما جرى مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات (1970- 1981) خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، في أبريل/نيسان عام 1977 وبرفقته زوجته جيهان السادات (1933-2021). أثناء حفل الاستقبال الذي أقيم له في البيت الأبيض، احتضن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر زوجة السادات، وقام بتقبيلها، ورقص معها. كان حفل الاستقبال منقولا تلفزيونيا على الهواء مباشرة. لم تكن مواقع التواصل الاجتماعي موجودة، كما في حالة “صلاح” الآن. قامت الدنيا ولم تقعد، وصارت هذه الواقعة هي الحدث أو “التريند” بلغة هذه الأيام.

مثلما حدث مع صلاح أخيرا، توالت الانتقادات العنيفة للسادات وزوجته من بعض خطباء المساجد، وراجت بين الناس، لا سيما وأن “الجماعات الإسلامية” كانت في أوج نشاطها، مسيطرةً على منابر المساجد واتحادات الطلاب الجامعية والشارع بالعموم. كان السادات دائم التباهي بأنه رئيس مسلم لدولة مسلمة، وأنه يقود دولة العلم والإيمان، ويُنادى بـ”الرئيس المؤمن”، ويكرر دائما أنه رب العائلة المصرية، والراعي لأخلاق القرية. هذا كله لم يمنعه من تمرير الموقف وفقا للتقاليد الغربية المتبعة، ولم ينل من إيمانه وإسلامه. حسب ما روت جيهان السادات، في حوار تلفزيوني للإعلامية منى الشاذلي عام 2015، فإن ما حدث مع كارتر، لم يكن المرة الأولى، فقد واجهت الموقف نفسه، مع الرئيس الأمريكي الأسبق جيرالد فورد، خلال زيارة السادات الأولى بصفته الرئاسية للولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر/تشرين الأول عام 1975. جيهان أوضحت أن “كارتر” احتضنها وقبّلها أيضا بالمطار في أثناء الوداع، وأنه اعتذر لاحقا، حيث تم إبلاغ البيت الأبيض الأمريكي بأن هذه العادة، تتنافي مع ثقافة المسلمين، وتثير الحساسية لديهم، ومن ثم جرى التوقف عنها. دافعت جيهان عن نفسها، بأن هذه المراسم معمول بها في الغرب وفقا لثقافتهم، على سبيل الترحاب والحفاوة بالضيوف، وأنه لم يكن بوسعها حين يمد الرئيس الأمريكي يده إليها، أن ترفض أو أن تصفعه مثلا. هذا، وتُظهر فيديوهات متاحة على الإنترنت أن الرئيس السادات، فعل الشيء نفسه احتضانا وتقبيلا ورقصا مع زوجة الرئيس فورد ومن بعده كارتر.

موقعة صلاح والممثل الأمريكي والمشهد الأبوي

عودة إلى موقعة اللاعب الدولي محمد صلاح وزوجته ماغي، و”الأمريكي فيريل”. لقد نشر “صلاح” نفسه صورا له على صفحته الرسمية بموقع “إنستغرام” للتواصل الاجتماعي.. الصور في أحد المطاعم، لـ”صلاح” وزوجته وابنتيه مع “فيريل”، يحتضنه وأسرته في مشهد أبوي، ويده على كتف زوجته وفوق ملابسها وهي “محجبة”. ما أن نُشرت الصور حتى اشتعلت التفاعلات والتعليقات الاستنكارية الحادة على مواقع التواصل كافة.. انتقلت الضجة وحالة الاستقطاب الحادة إلى الشاشات التلفزيونية والمواقع الصحفية.. “البعض” جرّد صلاح من الإسلام، وكثيرون اعتبروه باع دينه بهذه الصور مع الممثل فيريل، وتنكّر لـ”أخلاق القرية” التي تربى عليها في بلدته (نجريج) بمحافظة الغربية. هل هذه الصور تستحق كل هذه الضجة والإهانات لـ”محمد صلاح”؟ صلاح عمره 30 عاما، وزوجته عمرها 27 عاما، وهي محجبة، متزوجان منذ نهاية عام 2013. أما الممثل الأمريكي فيريل (55 عاما)، فهو في عمر “والدهما”، وعقلا ومنطقا، ليس من المتصور أنه يقصد التحرش بزوجة صلاح، ولا يبدو هذا المعنى من الصور، وإلا ما كان صلاح ليسمح له، ولا كانت تجمعهما الصور أصلا.

“فيريل” من نجوم السينما الأمريكية، لديه ثلاثة أبناء ويقيم مع أسرته بمدينة نيويورك، ومعروف بأنشطته الخيرية لدعم مرضى السرطان، كما أنه شغوف بـ”كرة القدم” الإنجليزية، والطبيعي والحال هكذا أن يكون شغوفا بـ”صلاح”، وربما كان هذا سببا لتعارفهما. “الصور” محل التعنيف والإهانة، نشرها محمد صلاح نفسه كـ”ستوري” على موقع إنستغرام للتواصل الاجتماعي، بما مفاده أنه ليس ثمة ما يدعو إلى الخجل من تداولها، فهو لم يرتكب إثما ولا جريمة، والأمر كله يخصه، فهو الوحيد صاحب الحق في تقييم الموقف. “صلاح” يعيش في مجتمع غربي، وهذه ثقافته، فالاحتضان واليد على الكتف تعبير عن التقدير والمودة، ولا تعني أكثر من ذلك، فالصور ملتقطة علنا في مكان عام (مطعم). صلاح نفسه وهو “شاب” تُلتقَط له صور مع فتيات ونساء من معجبيه، فإن امتنع، أغضب الجمهور، بما يكلفه فاتورة قد تكون عبئا على ناديه.

التربص بـ”صلاح”.. والخمور عام 2021

ليس مطلوبا من “صلاح” أن يدخل في صراع مع المجتمع الذي احتضنه وأتاح له النجومية العالمية، آخذا في الاعتبار أنهم يكنون له ولموهبته كل التقدير، ويحترمون دينه الإسلامي، ولا يتنمرون عليه مثلما نفعل. أخشى أن البعض منا يتربص بـ”صلاح”، مثلما تعرّض للهجوم عام 2021، عندما أجاب على سؤال للإعلامي عمرو أديب، بأنه لم ينجذب إلى شرب الخمر.. كأن الجمهور كان ينتظر منه محاضرة في الدين، وأن يحارب شرب الكحول المنتشر بين الشعب الإنجليزي. صلاح بهذه الصور له وزوجته مع الممثل الأمريكي ويل فيريل، لم يبع دينه ولا تنازل عن أخلاقه، ولا أخلاق القرية.. إنها مواقف قد تكون طارئة لها ملابساتها غير المعروفة، وعليه التصرف بحنكة، فالخطأ من وجهة النظر السائدة هناك، قد يكلفه كثيرا.

المصدر : الجزيرة مباشر