ما أخطار توقف دوران لب الأرض؟

 

فوجئ العالم ببحث مهم منشور في مجلة “نيتشر” العلمية الرصينة، لباحثين صينيين من جامعة بيجين، خلصوا فيه إلى أن اللب الداخلي للكرة الأرضية قد توقف عن الدوران في العقد الماضي، وربما يدور الآن في الاتجاه العكسي لدورانه السابق. فماذا يعني هذا؟ وما الأخطار التي يمكن أن تنتج عن ذلك التغير؟

الحقيقة أنها لم تكن المرة الأولى التي تخرج فيها نظرية أو بحث جديد يهتم بالكرة الأرضية، وحركتها الذاتية، ومحاورها، وأقطابها، والقوي المغناطيسية المؤثرة فيها.

لا شك أن علماء الفلك والعاملين في الهيئات الفلكية يتسلمون سنويا أعدادا ضخمة من المؤلفات التي تتعامل مع الخوارق الطبيعية مثل الكوارث المتوقعة، أو الكائنات الفضائية، وغيرها من خوارق الطبيعة، ومعظم هذه الكتب مؤلفوها ليسوا من العلماء المتخصصين بل هم من الهواة الذين يعتمدون بالدرجة الأولى على الخيال، بل أبعد من ذلك أن بعضهم يعاني اضطرابات عقلية!

اختلاف ساعات الليل والنهار

إن جدية مجلة “نيتشر” التي نشرت هذا البحث جعلت الاهتمام به عالميا وعلى نطاق واسع، وحاول العلماء من مختلف أنحاء العالم تفنيد البحث وفهم التأثيرات المرتقبة على الكرة الأرضية من جراء حركة لب الأرض البطيئة أو توقفها. وبما أن اللب يؤدي دورا كبيرا في الحفاظ على المجال المغناطيسي للأرض فإن توقفه أو حركته المختلفة سينتج عنها اختلال كبير في تعاقب الليل والنهار، أما إذا تغيرت حركة الأرض نفسها بشكل عكسي كما حدث الآن في قلبها فإن ذلك سيكون بمثابة كارثة طبيعية كبيرة ستحوّل الصحاري إلى غابات والغابات إلى صحاري.

علماء الجيولوجيا يعرفون أكثر من غيرهم أن الحياة تغيرت بالفعل على ظهر الكوكب مرات عدة منذ نشأته حتى الآن، فقد تعاقبت عليه حقب شديدة البرودة وغيرها شديدة الحرارة، وبفعلها تغيرت الحياة على ظهره مرات عدة. مثلا، ولاية بنسلفانيا التي كانت مغطاة بالغابات الاستوائية قبل غرق الأرض قبل 27 ألف سنة، يحتوي باطنها الآن على الطبقات الفحمية شاهدا على انتشار الغابات فيها من قبل.

نظرية تتنبأ بكارثة تغيّر أقطاب الكرة الأرضية

في سنة 1955، ظهر كتاب في الولايات المتحدة الأمريكية لمؤلفه “جون وايت” تحدّث فيه عن نظرية باحث أمريكي اسمه “أدام باربر” استمر 20 عاما ليتحقق من نظريته في بحث دوّنه في ما لا يزيد على 27 صفحة فقط، قال فيه إن كل 9 آلاف سنة يحدث تطابق بين مدار الأرض الرئيسي والمدار الصغير الذي يتولد عن دوران الأرض حول الشمس، عند ذلك تحدث حركة أرضية مفاجئة وعنيفة جدا ينتج عنها تغيّر في مكان القطبين الشمالي والجنوبي، ويحدث تباعد في ما بين خط الاستواء الجديد والأقطاب الأرضية القديمة، وتتشكل بؤرتان يبلغ قطر كل منهما 500 ميل، واحدة في الصين والأخرى في المحيط الأطلسي، وكلتاهما ستكون المكان الوحيد الآمن فقط.

ووفق البحث، فإن الهزة الأرضية ستستمر 5 دقائق فقط، لكنها ستكون مدة كافية لإحداث دمار هائل للكرة الأرضية، بغرق ألف ميل من اليابسة في غضون ساعة واحدة، كما أن الفيضانات داخل البلاد ستكون عنيفة وقاسية، وسيتم تدمير وجه الحياة بالكامل على السطح قبل أن تأخذ الأقطاب الأرضية مكانها الجديد.

تلك النظرية عارضها كثير من العلماء، أهمهم علماء مرصد غرينتش الملكي، ومونت ويلسون، وبالمور، وهم يقولون إن النظرية لا تستند إلى براهين علمية قوية، ونصحوا الناس بعدم قراءتها.

اختلاف العلماء بشأن دوران لب الأرض

العلماء الصينيون يرون في بحثهم الجديد أن اختلاف سرعة لب الأرض يحدث عادة على فترات زمنية ثابتة كل منها 70 سنة، ويرون أنه في البداية كان قلب الأرض يدور بوتيرة أسرع من بقية الطبقات الخارجية للقشرة الأرضية في أعوام السبعينيات على سبيل المثال، ثم ظل يتباطأ حتى وصل إلى أقل سرعة قبل أن يتوقف. أما علماء بريطانيا فيرون أن التفاوت في سرعة لب الأرض يحدث كل 30-35 عاما، وليس كل 70 عاما.

وبما يعني أن هناك تضاربا علميا بشأن دقة البحث الصيني، فإنه -في أسوأ حالات الخطر- فإن طول اليوم فقط هو الذي سيتأثر بأجزاء من الثانية، أي ليس دقائق ولا ثواني ولا حتى ثانية وإنما أجزاء من الثانية.

كوارث الأرض شغلت الحضارات القديمة

حتى الحضارات القديمة ومنذ بدء الخلق والإنسان مشغول بمصير الأرض التي نعيش عليها، فمثلا في حضارة “المايا” القديمة التي شملت وسط المكسيك وأقطارا مجاورة من دول أمريكا اللاتينية، اكتشف علماء الآثار قبل سنوات نقشا صخريا، أطلقوا عليه تقويم المايا، استمر العلماء سنوات عدة لفك طلاسمه حتى تمت ترجمة كل ما فيه وفك رموز التقويم بالكامل، وعرف العلماء لأول مرة أن كوارث الكرة الأرضية شغلت القدماء.

فتقويم المايا أشار إلى أن الزمن يعيد نفسه من خلال دورات متعاقبة تصل كل واحدة منها إلى خمسة آلاف عام، ووفق وجهة نظرهم، فإن آخر سلالات البشر ظهرت قبل 3114 سنة، ونهايتهم ستكون عام 2012، لكن تلك السنة التي ذُكِرت في التقويم لم يحدث فيها شيء، وهو ما دفع ديفيد ستيوارت مدير مركز أبحاث أمريكا الوسطى بجامعة تكساس والمشارك في دراسة النص الأثري إلى التساؤل عن أمر تلك الكارثة التي تحدث كل خمسة آلاف سنة وفق التقويم، وتساءل: لماذا لم يُذكَر نوعها بالتحديد؟ وهل هي كارثة طبيعية أم حربية أم ماذا بالضبط؟

المصدر : الجزيرة مباشر