الأمير هاري والابتزاز والعنصرية والصعود إلى الأسفل!

الأمير هاري وزوجته

 

في حياة كل منا مُبتز كالأمير هاري بنسب متفاوتة، فلنتوقف “ونتأمل” ما فعله ويفعله.

عرضت مكتبة بريطانية مذكراته بجوار كتاب “كيف تقتل عائلتك؟”.

كأي مُبتز، بحث هاري عن نقاط ضعف خصومه “عائلته”، وأبرزها ما يتعلق بالأميرة ديانا وباهتمامهم بالخصوصية، واختار “إضعاف” نفسه، بالابتعاد عمن يحبونه “ويخلصون” له، كشقيقه وأصدقاء طفولته لاعتراضهم على ارتباطه بـ”ميغان”، واستسلم لها، فلم يقوَ “وحده” على ابتزاز عائلته، ونجح في اختيارها، فكانت “محرضة” من الطراز الأول، وقال “من المستحيل لوجستيًّا وبدنيًّا وعاطفيًّا وروحيًّا كتابتي لمذاكرتي بدونها”، وكسبت أموالًا وشهرة لم تكن تحلم بها.

يبكي هاري كطفل ضربه الكبار ظلمًا، ويؤكد رغبته في تحسين علاقته بعائلته، ويشكو من عدم احترام الصحافة البريطانية لخصوصيته، ويجوب العالم “للتشهير” بعائلته ويطلب اعتذار الملك!

يَصدُق عليه قول المسيح عليه السلام: “لماذا تنظر إلى القشة في عين أخيك، ولا تبالي بالخشبة في عينك؟”، وينتفض وهو يصرخ غضبًا للعنصرية التي “يزعم” تعرّض زوجته لها، وبكل “وقاحة” وعنصرية فجة تصدر من فاقد للإنسانية، ويعاني خواءً وشعورًا داخليًّا بالنقص، “يتباهى” بقتله 25 أفغانيًّا، ويصفهم بأنهم “ليسوا بشرًا بل بيادق في شطرنج”!

نرفض العنصرية ضد الجميع، ومن المؤكد تعرّض ميغان الممثلة الأمريكية “العادية” لها في الولايات المتحدة خلال طفولتها وصباها وعملها في السينما، وهي دون العاشرة من عمرها، لتنهار لكلمة إن قيلت لها، وبدا “الخبث” في اختيار أوبرا وينفري السمراء التي عانت كثيرًا للحديث عن العنصرية.

صرّحت ميغان بتعمدها استقبال كيت زوجة الأمير وليام في منزلها، وهي حافية القدمين وترتدي بنطلونًا ممزقًا “لتعلّمها” البساطة!، ولن تستقبل بالطبع “كممثلة” مساعد مخرج كذلك.

من الابتزاز ملء الدنيا صراخًا بأن العائلة الملكية لم تدافع عن ميغان عند انتقاد الصحافة البريطانية لها، والتعامي “المتعمد” عن تعرّض الملكة شخصيًّا للانتقاد، ولم تفعل شيئًا، وكأن ميغان “أهم” منها!

استغلال ديانا

الأسوأ استغلال ديانا، فترتدي ميغان ملابس تشبه ملابس ديانا، ويبكي هاري على وفاتها وكأنه الوحيد في العالم الذي ماتت أمه في حادث بشع، “والأبشع” قوله أن والده الملك تشارلز أخبره يومًا بشكّه أنه ابنه لشعره الأحمر، في إشارة “مبتذلة” إلى أحد أحباء ديانا وكان شعره أحمر، فلا يتصور العقل “تذكير” ابن الناس بعد موت أمه بسنوات طويلة بتعدد علاقاتها “غير المشروعة”!

تجاهل هاري قوله سابقًا “شقيقي كان داعمًا كبيرًا لي”، وقال في استدار للتعاطف “أمسك وليام بياقتي ومزق قلادتي وطرحني على الأرض، وسقطت على وعاء لأكل الكلب وتكسر وأصابتني قطعة، وذُهِلت ثم نهضت وطلبت منه الخروج” ولم يذكر ما قاله لشقيقه حتى يغضبه إلى هذا الحد!

وقال إن شقيقه كان صراخه “مفزعًا”، وعارض زواجه من ميغان، ووصفها بالفظة والصعبة والوقحة، كما وصفها بذلك بعض خدمها ومساعديها الذين استقالوا رغم المزايا التي يحصلون عليها، فضلًا عن كتابة ذلك في سِيَرهم الذاتية لاحقًا، ولقبوها بالدوقة ذات الصوت العالي.

تناقض هاري في كلامه، فتارة يؤكد رفض شقيقه وزوجته لميغان، وأخرى يقول إنه قلق لمطاردتهما لها للحصول على توقيعها! ويتوقع اعتذارًا ويقول إنه لن يجده!

من “المآسي” عدم استطاعته البكاء أثناء الجنازة هو وشقيقه، ثم يقول إن يديه -هو وأخوه- كانتا مبتلتين بسبب البكاء!، “وبالتأكيد” لم يمنعهما أحد من البكاء بعدها.

اعترف في كتابه (البديل) بتعاطيه الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة، وبإقامته علاقة غير شرعية خلف حانة وهو في السابعة عشرة مع امرأة تكبره سنًّا، ثم أكد أنه “أحق” من أخيه بولاية العهد!، وأن شقيقه كان يغار هو وزوجته منه هو وزوجته، فكانا يؤديان المهام الملكية أفضل منهما، وتناسى ما ذكره سابقًا عن ضيقهما بها وطلبه من الملكة إليزابيث إعفاءهما منها في ابتزاز واضح، فهمته الملكة “ورفضت” بذكاء الخضوع له ووافقت، “وتمنت” لهما السعادة في حياتهما الجديدة، وفوتت عليهما النجاح في الابتزاز، فانتقلا إلى الخطوة التالية بالحديث مع “أوبرا” والإساءات بأنواعها.

كتاب الأمير في إحدى مكتبات إسبانيا (رويترز)

بطانية ومُلمع شفاه

كأي مُبتز، لا يقطع شعرة معاوية مع من يبتزهم خاصة من المقربين، فصرحت ميغان سابقًا بكرم الملكة إليزابيث معها، إذ شاركتها بطانيتها الخاصة أثناء ركوب السيارة، وتعمدت هي وزوجها اختيار اسم التدليل الخاص للملكة لابنتهما، “وغضبت” الملكة لانتهاك خصوصياتها، فكان والدها يناديها به ثم زوجها فقط.

وكان واضحًا تملقهما لها أثناء حياتها، وبعد وفاتها سخرت ميغان بابتذال من الانحناء لتحية الملكة ومن تقاليد الأسرة المالكة، وخوفها من انتقاد أي مراسم للأوسكار.

أعلن هاري رغبته أن يعرف العالم شخصيته بعد لقائه بزوجته، ويتجاهل أن لا أحد في العالم كان سيهتم به لو لم يكن أميرًا، فهو لم يخترع شيئًا يفيد البشرية، وليس “حتى” راقصًا مشهورًا.

يضغط المُبتز لانتزاع ما لا يحق له بكل الطرق وبالتشهير وبادعاء المظلومية، وكلنا نواجه ذلك أحيانًا.

قال هاري إن زوجته تحضن الغرباء ووليام لا يفعل، وانتقد كيت لأنها لا تحب مشاركة مُلمع الشفاه!، ووصف كاميلا بالشريرة، وكأي كتاب “للفضائح” يحظى بمبيعات كبيرة، المهم ماذا يحدث بعد ذلك لصاحب الفضائح؟!

رفضت إليزابيث وسيرفض تشارلز الخضوع للابتزاز، ويجب علينا ذلك مهما كان مصدر الابتزاز، يتوهم هاري أنه أصبح أفضل ولكنه الصعود إلى الأسفل، فكما يتنبأ الكثيرون أن العالم لن يهتم به بعد سنوات وربما أشهر.

يستطيع هاري التراجع إن رغب، لكنه سيقول لنفسه، كما فعل كاتب عربي راحل روّج للتطبيع مع إسرائيل وزارها وألّف كتابًا يدعو إلى التطبيع معها، إذ قال لأحد المقربين “أريد التراجع ولا أستطيع” وكان يستطيع، ولكنه كان “يكره” ترك مزايا ما “اقترفه”، وكذلك هاري.

ويَصدُق عليهما ما قاله صحفي بريطاني معلقًا على ابتزاز هاري لأسرته “مقزز جدًّا ما يمكن أن يفعله البعض للحصول على المال”.

المصدر : الجزيرة مباشر