هل قال سعد “مافيش فايدة”؟

سعد زغلول

أنا ضد اليأس، لذا فأنا مع الحق والحب، وكل مبادرة في هذا الاتجاه.

كان سعد زغلول يقول: أنا أستمد قوتي من الشعب، فإذا هبَّ واقفًا على قدميه، أحس أني أقوى، وإذا تخاذل وتهاوى وضعف، أشعر بضعفي.

الشعوب وحدها هي القادرة على صناعة البطولات والأبطال، فليس صحيحًا أن الأبطال هم الذين يخلقون الشعوب، أو يصنعون مواقفهم وإرادتهم.

صحيح أن زمن سعد زغلول مضى، ومصر 2022 ليست هي مصر 1919، فالناس غير الناس، والواقع السياسي والاجتماعي مختلف ربما أكثر تعقيدًا أو أقل خصوبة!!

لكن تبقى مصر وطنًا قادرًا على أن ينتج قادة ونماذج موحية متعددة، قادرة على أن تتوافق والواقع وإرادة ورغبة الشارع المصري الذي يحمل أشواقًا جارفة للتغيير والتقدم والإصلاح الحقيقي الذي أُغلِقت أبوابه بالضبّة والمفتاح لسنوات طويلة من الجمود والركود والاستبداد وحكم الرجل الواحد والقائد الوحيد الملهَم المنزه عن الخطأ أو الزلل!!

في أحيان كثيرة ننسى أن مصر بلد أكبر من أن يُختزل في شخص أو حزب أو جماعة، مهما كانت قوة -أو بالأصح- قدرة هذا الشخص أو الحزب على شراء الوقت ومحاولة إيقاف عجلة الزمن!

اليأس هو السلاح الذي يشل إرادة الشعوب وقدرتها على صناعة التغيير، وحقها في إعادة صياغة معادلات التاريخ، يأس الشعوب هو السلاح الأقوى فى يد الحكام الضعفاء، لأنه يضاعف من قوتهم بتعطيل قوة الشعب على انتزاع حقوقه!!

مقولات مبتذلة

الأمل في التغيير هو المعادل الموضوعي لمواجهة قدرة الأنظمة المستبدة على إشاعة حالة اليأس والشعور بالعجز لدى شعوبها، فليس صحيحًا أن الزعيم الراحل سعد زغلول قال في نهاية حياته «مافيش فايدة»!! الواقعة منتزَعة من سياق مختلف، فالرجل كان يتحدث لزوجته عن حالته الصحية، وليس عن صحة هذه الأمة التي عاش ومات مؤمنًا بها!!

فهذه المقولات ليست إلا مقولات لإدخال اليأس من قيمة التغيير وأثره في قلوب الناس مثلها مثل ما رددته أبواق النظام في 2005، من أن الرئيس سينجح سينجح، مما أدى إلى إحجام كثيرين عن المشاركة ظنًا منهم بعدم جدواها.

من المقولات المبتذلة -أيضًا- التي ترددها أبواق الأنظمة الاستبدادية، ما يقال عن أن الديمقراطية لا تنفع في بلادنا التى تحتاج إلى المستبد العادل!! ولا أعرف متى عرفنا مستبدًا عادلًا في تاريخنا الحديث؟! لم أعرف -أصلًا- مستبدًا عادلًا، أو عادلًا مستبدًا، فحيث يكون الاستبداد يكون الظلم، وتداس العدالة بالأقدام!!

يهين بعضهم عقولنا ورموزنا عندما يقال مثلًا، إن عمر بن الخطاب كان مستبدًا وكان عادلًا «!!»، ولا أعرف كيف كان عمر مستبدًا، بينما كان البدوي يعارضه ويناقشه في ذمته المالية وطول لباسه فلا يقطع عمر لسانه أو رقبته، ولا يمنعه حتى من مواصلة كلامه.

من قال إن عمر بن الخطاب كانت لديه محاكم استثنائية وقانون ظالم ومعتقلون بسبب موقفهم منه أو من ابنه؟!

إن الإيمان بالحقوق هو الخطوة الأولى لتحقيقها.

لهذا، فأنا مع المزاوجة بين الحق والحب، على أن يكون دائمًا الحق أولًا وهذا هو الأمل.

فالأمل في الغد هو “بوليصة” التأمين ضد اليأس.

المصدر : الجزيرة مباشر