أفراح المونديال تمسح أحزان العالم

الكل يترقب، يحبس أنفاسه، وينتظر انطلاق النسخة العربية القطرية من المونديال، وهو حدث استثنائي في تاريخ العرب أجمع، حيث ستطلق النسخة الجديدة من العرس الرياضي العالمي، غدا الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وستتوجه أنظار عشاق كرة القدم عبر أنحاء العالم إلى تلك البقعة الساحرة في الخليج العربي، ولأول مرة في التاريخ، تستضيف دولة عربية كأس العالم لكرة القدم، وهو حدث فريد على الصعيد العربي، ويتوقع الخبراء أن النسخة القطرية من المونديال ستكون الأروع على الإطلاق، منافسين بذلك أقوى دول العالم في تنظيم المونديال، مثل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ويظهر ذلك جليّا في الاستعدادات والتجهيزات القوية للمونديال.

كيف استعدت قطر لكأس العالم؟

تتوقع اللجنة المنظمة توافد نحو مليون مشجع إلى دولة قطر للاستمتاع بمشاهدة الحدث العالمي الكبير، وقد بذلت اللجنة المنظمة قصارى جهدها لتوفير أماكن الإعاشة للفرق الرياضية، وتوفير جميع سبل الراحة لها للإقامة والتدريب، وتوفير خبراء عالميين في مجال العلاج الطبيعي والطب، وتوفير الأجهزة الحديثة للعلاج الرياضي، كما تنهي الآن الإجراءات لاستقبال الوفود الزائرة.

تحدي الأرض والمكان

تقدّم قطر تحديا حقيقيا بين ضخامة الحدث والظروف الجغرافية لها، بصفتها دولة صغيرة من حيث المساحة والتعداد السكاني تقوم باستضافة المونديال، إذ يبلغ تعداد سكانها نحو 2.9 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها نحو 11.571 كيلومترا مربّعا. لكن هذا التحدي وتلك التساؤلات عن نجاح قطر في التنظيم، واستيعاب مثل هذا العدد الضخم من الجماهير التي ستمكث في الأراضي القطرية نحو شهر، يواجَه بثقة كبيرة من المنظمين القطريين في إنجاح الحدث الكبير، وهي ثقة تعتمد على قوة الإمكانات المادية والبشرية، وكلنا ثقة -نحن العرب- في أنها ستبهر العالم.

لماذا يجب أن ندعم جميعا قطر في ذلك التنظيم؟

تتجه أنظار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وكل دول العالم إلى قطر، وتنتظر أن تقيّم مستويات التنظيم، واستيعاب الفِرق والجماهير، ويجب أن نؤكد أن نجاح دولة قطر سيقوي الثقة في قدرة سائر البلدان العربية على تنظيم أحداث كبيرة وضخمة، وبالتالي سيزيد ذلك من فرص الدول العربية في استضافة تلك الأحداث الكبرى، ولذلك يجب أن ندعم جميعا قطر ونتمنى لها التوفيق في التحدي الكبير.

المدينة الذكية والذكاء الاصطناعي

تُعلَن الدوحة أول مدينة ذكية في الوطن العربي، بعد افتتاح كأس العالم، حيث تزودها شركة تقنية عالمية (ترافيك تكنولوجي) بنسخة رقمية افتراضية لشبكة الطرق لتحديد مستوى الزحام والتكدسات أثناء المباريات، واقتراح طرق بديلة، مما يؤدي إلى مرور أكثر سلاسة، ووصول الجماهير إلى وجهاتها بأمان.

وستقوم الشركة بعمل نسخة رقمية افتراضية لشبكة الطرق الموجودة في قطر، مما يؤدي الى إدارة المرور بطريقة أكثر سلاسة، وتجنب الزحام المروري والتكدسات، وتنظيم حركة حافلات الفِرق الرياضية، والجماهير الغفيرة.

كما تم تزويد الملاعب بأحدث وسائل التبريد، لتفادي درجات الحرارة المرتفعة التي تشتهر بها قطر ومنطقة الخليج عموما، وعلى الرغم من تزامن المونديال مع فصل الشتاء، فإن الحرارة في قطر تصل إلى 25 درجة مئوية، ولذلك استعدت الدولة واللجنة المنظمة بأنظمة تبريد مختلفة، لتتناسب مع طبيعة أغلب المشجعين القادمين من البلدان الباردة، مثل أوربا وبعض المناطق من آسيا وأمريكا، إذ يتم تكييف الملاعب بمراوح تضخ الهواء البارد، وتعمل بالطاقة الشمسية، وتُستخدم فيها تقنيات عالية من توزيع الهواء وتدويره، ليحافظ على توزيع متساوٍ للهواء البارد في جميع أنحاء الملعب.

ملاعب استثنائية

لأن استاد كرة القدم هو الواجهة التي ستقدّم تلك اللوحات الفاتنة، قامت قطر بإنشاء ملاعب استثنائية، مثل البيت ولوسيل وخليفة الدولي وأحمد بن علي والمدينة التعليمية، والملاعب كلها تدار بأنظمة التنمية المستدامة صديقة البيئة، وبها أحدث وسائل التكنولوجيا الإعلامية لنقل المباريات والتقارير بعد المباريات في التوقيت نفسه، بسرعة وكفاءة عالية.

ماذا سيحدث للملاعب بعد البطولة؟

ستكون كل تلك الملاعب كثيرة، وقد تزيد عن حاجة قطر بعد البطولة، ولذلك سيتم تفكيك بعضها، والتبرع بأكثر من 170 ألف كرسي للدول النامية لمساعدتها في التنمية الرياضية، وستحتفظ دولة قطر بعدد مناسب من هذه الاستادات لتوفي احتياجاتها في المستقبل، وفق ما ذكر موقع حكومي تابع للحكومة الإلكترونية في قطر.

مونديال قطر يودّع اثنين من أباطرة اللعبة

سيكون هذا الخبر صادما للغاية لعشاق البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي، إذ أعلن كل منهما أن هذا المونديال هو الأخير له في التمثيل العالمي، ولذلك يجب متابعتهما بشغف.

الصراع بين الرياضة والأخلاق

الرياضة أخلاق، عبارة كانت صحيحة جدّا، لكن الآن شابها الكثير من اللغط بسبب محاولة بعض الهيئات تمرير أفكار وهويات، وآخرها محاولة الاعتراف بالمثليين في الملاعب الأوربية، ووضع شارات خاصة لهم على ملابس اللاعبين، وهو ما رفضته قطر بشدة، وطالبت الضيوف بالالتزام بوجودهم في دولة عربية مسلمة، لها تقاليدها وأخلاقها، ولنا أن نفخر جميعا بتنظيم قطر للمونديال، ساعات قليلة وسيترك الجميع كل شيء جانبا، ويتوجهون نحو المتعة غير المتناهية التي تقدمها الساحرة المستديرة.

وسيتطلعون بشوق إلى صافرة البداية على أرض الدوحة العزيزة، لعلها تخفف ما بهم من ضغوط ما بعد أزمة كورونا العنيفة، والحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من أزمة اقتصادية وكساد عالمي.

الجميع يحبسون أنفاسهم، ويتطلعون بشوق إلى أول صافرة على أرض البطولة، لعلها تخفف ما بهم من ضغوط وأزمات طاحنة.

سيكون مونديال قطر 2022 الفرحة التي قد تخفف أحزان العالم.

المصدر : الجزيرة مباشر