دلالات من حرب غزة

القدس يجمعنا

كانت للحرب في كل فلسطين دلالات عدة في إطار معادلة الردع المتوازن.

الدلالة الأولي:

جاءت الحرب في كل فلسطين بعد انتفاضتين شعبيتين وثلاث مواجهات عسكرية، كلها وقعت في ظل احتلال واختلال في موازين القوة لصالح المحتل الصهيوني، وتعاملت مع الانتفاضتين السابقتين والمواجهات بكل وحشية ولا انسانية وبلغت خسائر المقاومة أكثر من عشرة اضعاف الحرب الحالية، وما حدث خلال الأيام العشرة الماضية من قبل المقاومة بفصائلها المختلفة كان أقوي مما تصوره صهاينة الاحتلال العسكريين أنفسهم.

الدلالة الثانية:

تصور المحتل الصهيوني انه ذاهب الي نزهة معتادة في الشيخ جراح والمسجد الأقصي لاسيما أن العرب يمرون بأسوأ مرحلة تاريخية لأنظمة بات التطبيع مع العدو الصهيوني فيها مقدم علي الولاء للامة ولقضاياها الاستراتيجية واعتبر المحتل ان تلك لحظة ذهبية “خنوع وركوع عربي مهين – تراجع حريات – انقلابات عسكرية – انظمة تطبيع متسارع.. لتجهز على القضية وتحقق مكاسب على الارض فإذا بالمرابطين بأكناف بيت المقدس يحققون جزء من نبوءة لا ينتهي الزمان حتى تتحقق. فجاءت الانتفاضة الحالية بقوتها واستعدادها وصداها الواسع مفاجأة.

الدلالة الثالثة:

الدعم الدولي والتطبيع العربي والانقسام الفلسطيني أصاب الصهاينة في تل ابيب بعمى القوة، ودفع قادتها للاعتداء الهمجي على المصلين في شهر رمضان أمام أنظار العالم، والتوغل في حي الشيخ جراح في غطرسة نادرة، فكان فيها خيرا لم يتوقعه أحد.

الدلالة الرابعة:

تغير معادلة الأجيال فالمحتل الصهيوني الذي أراده الجيل المؤسس ليس بذات الصفات ولا القوة التي كان عليها في السابق، والشعب الفلسطيني أيضا ليس بذات الضعف والصفات التي كان عليها، تغيرت البنية النفسية والقناعية لدي الفلسطنيين على مختلف مشاربهم وباتوا على قناعة بعدم التعلق بأوهام الحل السياسي وأوهام نصرة القضية من الأنظمة العربية إلى بناء منظومة مقاومة ذاتية تتطور شيئا فشيئا. فصار الفعل المقاوم متغير بكل أشكاله ويتطور مع كل جيل وبأدوات الجيل الجديدة.

الدلالة الخامسة:

التطور الاستراتيجي الأهم هو وحدة الصف المقاوم بتنوعه” كتائب القسام- سرايا القدس -كتائب ابوعلي مصطفي وغيرهم…من فترة ليست وليدة اللحظة بل الموقف البطولي في عموم فلسطين التاريخية، و دخول فلسطينيي الداخل على خط المواجهة مع تطور نوعي في اساليب الداخل الفلسطيني، وهذا التوحد غير مسبوق منذ عام ٤٨، وله تداعيات عميقة على زيادة القلق الوجودي للدولة العبرية، وانكسار وعد الصهاينة بالإستقرار والهدوء.

الدلالة السادسة:

التغير الديمغرافي في التركيبة السكانية بين الفلسطنيين داخل الارض المحتلة والمحتلين الصهاينة متفوقا لصالح الجانب العربي بمعدل يتضاعف تسع مرات منذ النكبة “1948” لصالح لفلسطيني الداخل الذين يشكل الفلسطسنيون فيه الان ا49,7 %من السكان”.

الدلالة السابعة:

استعادة البوصلة لبؤوة الصراع الحقيقة فقد أصبح جليا الآن أن القدس هي بؤرة الصراع، وأنها جوهر الحل ولا يحق لاحد ان يتصدى وحده للدفاع عنها او يغيير من حقيقة اسلاميتها حتى الفلسطينيين أنفسهم فهي ليست قضيتهم وحدهم ولا يمكلمون قرارا فيها بمفردهم. وماحدث من تفاعل في عواصم العالم المختلفة ليس اكتشافا جديدا، وإن حدث تهميش للقدس في الخطاب السياسي وفي الفعل النضالي في فترة الضعف التي يمر بها العرب، ما يتم الان على الأرض الفلسطينية ستكون له تبعات مبهرة في قلب كل مسلم في العالم.

الدلالة الثامنة:

تكلفة وجود الكيان الصهويني الاستيطاني الذي يتبع سياسة”الابارتيد”الفصل العنصري” علي العالم تزداد ثقلا وتمثل عبئا زائدا على الضمير الإنساني مع مرور الوقت، والعالم يتغير، وموازين القوة المستقبلية تتبدل وليست لصالح استيطان احلالي ولا لدولة عنصرية كاملة العنصرية، كما أن دور الوظيفي لدولة الاحتلال يقل مع تراجع المركزية الغربية، وهذا ما يجعل إسرائيل تزداد فزعا ورعبا بل وعنفا.

الدلالة التاسعة:

الخوف الوجودي والقلق من المستقبل يصنع حالة من الاضطراب والخوف والارتباك الشديد وسوء التصرف لدي الكيان الصهيوني، وكل هذا سيضطر المحتل للجوء الي عنف وحشي. وهو بالضبط ما سيفكك هذا المشروع العنصري قريبا.

الدلالة العاشرة:

العودة من حيث جئنا هي الصورة الحالية والأخبار التي بدأت تترد عن المهاجرين اليهود الذي أتوا من بقاع مختلفة من العالم بدأدوا يفكرون جديافي العودة الي اوطانهم التي هاجروا منها على وهم حقيقة ارض الميعاد فإذا بالواقع الصخرة التي سوف تتحطم عليها آمالهم آحلامهم.

لقد تغيرت بالفعل موازيين القوي وستتغير ويبدو أننا علي اعتاب قواعد جديدة في إدارة الصراع.

المصدر : الجزيرة مباشر