هل وضعت الحرب أوزارها؟

احتفالات فلسطينية

(قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ ٰ⁠لِكَ فَلۡیَفۡرَحُوا۟ هُوَ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ)

لا يمنعنا الفرح بهذا النصر أن ننبه إلى أنه نصر مرحلي في معركة طويلة لم تنتهِ بعد، ومع أنه نصر مرحلى لكنه نصرٌ عظيم يستحق الحمد والشكر ويعطى الأمل في أنه بالإمكان تحقيق كل الأهداف وتحرير كامل التراب واسترداد جميع المقدسات وتأمين أصحاب الحقوق وسحق كل معتدٍ أثيم.

وقد أظهر حسم هذا الفصل من الصراع وهذا النصر في تلك المعركة حقائق كثيرة أَذكُرُ وأُذَكِرُ ببعضها

١- لا بد للحق أن يتحرك وأن يعلو صوته وأن تكون له قوة تحميه لأن الباطل المتحرك يدهس الحق الساكن، ولأن صوت الباطل يعلو عندما يخفت صوت الحق، ولأن الحق الذي ليس له قوة تحميه هو والعدم سواء.

٢- هذه الحرب أظهرت المعدن الحقيقي للشعب الفلسطيني وأبطلت كل دعاوى المنافقين والمرجفين في المدائن وجففت أقلاماً خائنة دأبت على تشويه هذا الشعب الثابت الصابر المجاهد المقدام الجسور العاشق للشهادة الذي قدم أنموذجاً في الصبر الجميل والعطاء الجليل والجهاد الطويل.

٣- إن الإسلام دين ثورة على كل أشكال الظلم والاستبداد والاستعباد، والأمة لديها طاقة جبارة وقابلية للثورة باسمه مهما حُرِمت من مرجعيتها قهراً وقسراً وتظل سريعة الاندفاع عندما تجد المحرك، وليس أعظم من الأقصى يجسد القيمة العليا للالتفاف حوله والزيت اللازم لإضاءة مصابيح الحق والوقود اللازم للاشتعال والانطلاق.

٤- ظل أهل غزة تحت وطأة الحصار والدمار وطعنات الغدر من العرب سواء منهم البدو والحَضَر، وجفت حلوق وتقرحت أكباد إخوانهم المقدسيين وهم يستغيثون الأعراب بلا جدوى؛ فإذا بعمالقة القدس ومن حولها يثبتون للعالم أنهم ما كانوا ولن يكونوا فرائس لليهود الصهاينة، وجاءت صواريخ إخوانهم من غزة لتظهر أصل المعركة وأن قضية أهل غزة ليست بلدية غزة وما حولها وإنما القدس زهرة المدائن وقرة العيون ومسرى الرسول.

٥- التف الشعب الفلسطيني بل الأمة كلها حول المقاومين المجاهدين وأظهر احتقاراً وازدراءً للأذلة الخانعين المنبطحين الخاضعين، وأن صواريخ حماس ليست عبثية ولا العاباً نارية كما كان يقول عباس بل أذلت العدو وألجأته إلى الملاجئ والخنادق وخلت منه الشوارع والطرائق وحولت مطاراته وأنهكت قدراته.

٦- أظهرت المعركة لهؤلاء المختوم على قلوبهم وأسماعهم والذين على أبصارهم غشاوة أن الحقوق لا تُسترد بالمداهنة والمسالمة والمساومة بل بالجهاد والمقاومة، ولا تخطئ عين طفل رؤية الكيان الصهيوني إذ أخذ ثلاثة أضعاف ما كان تحت يده في الضفة الغربية من أصحاب -لا مؤاخذة- المقاومة السلمية عملاء التنسيقات الأمنية، وأن الكيان الصهيوني بجبروته وسلاحه وعتاده لم يستطع أن يأخذ شبراً من قطاع غزة ولا أن يعيش فيه ساعة.

٧- أراد الكيان الصهيوني الغاصب المحتل كسر إرادة الشعب الفلسطيني وانفضاضه عن فصائل المقاومة باعتبارها من تجلب عليه الويلات فالتف الشعب كله حولها وضرب أعظم أمثلة الفداء والوفاء ولم يَفُت في عضده هدم البيوت ولا تقديم قوافل الشهداء، وكسر هو إرادة العدو وزرع الرعب والخوف في المغتصبين وألجأهم إلى الملاجئ والخنادق أذلة صاغرين.

٨- أراد الكيان الصهيوني الغاصب المحتل السيطرة على المسجد الأقصى والتحكم فيه فعاد بخفي حُنَين بل من دونهما ولم يعد بوسعه منع المسلمين من دخوله.

٩- أراد الكيان الصهيوني الغاصب المحتل طرد أهالي الشيخ جراح من بيوتهم فانتهت المعركة ببقائهم أعزة مرفوعى الرأس بل هاجر الكثير من الصهاينة من فرط الرعب والخوف.

١٠- فضحت المعركة المتصهينين المطبعين والعملاء الخوانين والذين يخشون الصحوة والثورة لأنها قد تطال عروشهم وكروشهم، وأنهم قد يكونوا سبباً في تأخير النصر ولكنهم لن يمنعوه.

تلك عشرة كاملة لا يضاف إليها إلا التنبيه أن الحرب لم تضع أوزارها بعد وأن الطاقة الكامنة التي تفجرت ينبغي استمرارها واستثمارها.

المصدر : الجزيرة مباشر