الرياضة المصرية تواجه شبح الإفلاس

بطل مصر يبيع ميدالياته

لم يكن مفاجئا للمتابعين لأوضاع الرياضة المصرية في السبع سنوات الأخيرة، الخبر الصادم الذي تداولته وسائل الإعلام مؤخرا، بإعلان البطل المصري عصام الحديدي بطل العالم والحائز على العديد من الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في ألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة عن بيع جميع ميدالياته التي حققها في البطولات المختلفة، ذلك من أجل اجتياز الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها، فقد سبق الحديدي لاعبون آخرون في رياضات مختلفة للأصحاء بالعمل في مهن أخرى بجانب ممارستهم الرياضة، ومنهم لاعب كرة القدم محروس محمود نجم نادي بني سويف أحد أندية الدوري الدرجة الأولى والذي يعمل الآن بمهنة البناء لتوفير نفقاته المعيشية، ليس هذا فحسب بل إن شقيقه مصطفى محروس حارس مرمى ديروط لكرة القدم يعمل في معصرة للقصب بجانب لعبه لفريق ديروط.

ولا شك أن الأندية معذورة في ذلك، لأن الأزمة عامة ويعاني منها الجميع

وقد يظن البعض أن هذا الأمر متعلق فقط بالرياضات غير الشهيرة كما في حالة الحديدي، أو بلاعبي الأندية المغمورة كما في حالة محروس وشقيقه، إنما المتابع بدقة لما يدور في الوسط الرياضي المصري عموما في السبع سنوات الأخيرة، يدرك أن هذه الأزمات تمددت ووصلت للاعبين يمثلون أندية كبيرة، وفي “لعبات جماعية” شهيرة مثل كرة اليد والسلة والطائرة والتي يعاني لاعبوها من عدم الحصول على مستحقاتهم المالية منذ عدة شهور، ويكفي الإشارة هنا إلى نادي الزمالك وهو ثاني قطبي الرياضة المصرية مع الأهلي، والذي أعلن لاعبوه في كرة اليد التمرد بالتوقف عن التدريب واللعب لعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية منذ عدة شهور.. والحال كذلك في غالبية الأندية بل وفي كرة القدم أيضا – اللعبة الشعبية الأولى – التي تعاني من أزمات مالية خانقة جعلت الأندية عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه لاعبيها ومدربيها، وإن أوفت فحسب التساهيل.

ولا شك أن الأندية معذورة في ذلك، لأن الأزمة عامة ويعاني منها الجميع، الاستثناء فقط للأندية المملوكة لرجال الأعمال والشركات، أو للأندية العامة ولكن يرأسها رجال أعمال كبار، أو للأندية ذات المداخيل الكبيرة كالنادي الأهلي، أما بقية الأندية فهي على وشك إعلان الإفلاس والانسحاب من الساحة الرياضية تماما، وهي وإن تظاهرت الآن بالتماسك والصمود، إلا أن سقوطها سيكون حتميا، عاجلا كان أو آجلا!!

السلطة ومن جشعها، احتكرت الغالبية العظمى من الملاعب والصالات التي تقام عليها المباريات، وباتت تؤجرها للأندية بمبالغ كبيرة تفوق قيمتها الحقيقية

والحقيقة أن تلك النتيجة التي وصلت إليها الأندية كانت متوقعة للكثيرين، منذ أن بدأت السلطة الحالية تفرض سيطرتها وهيمنتها على الاقتصاد الرياضي بأكمله دون أن تسمح لأحد مقاسمتها أو حتى مشاركتها في العوائد المالية الضخمة التي تصل لقرابة العشرة مليارات جنيه في السنة الواحدة، وكانت البداية باحتكار حقوق البث التليفزيوني عبر قناة واحدة هي قناة أون سبورت، واستحوذت على كافة عوائده المالية، وبث المباريات كما هو معروف يمثل الرافد المالي الأول والرئيسي للأندية.. كذلك احتكرت الرعاية حقوق الرعاية والتسويق لكل الأندية والمباريات والبطولات، دون أن تعطي الأندية شيئا من تلك الحقوق، وحقوق الرعاية هي المصدر الثاني لدخل الأندية بعد البث.. ليس هذا فحسب بل إن السلطة ومن جشعها، احتكرت الغالبية العظمى من الملاعب والصالات التي تقام عليها المباريات، وباتت تؤجرها للأندية بمبالغ كبيرة تفوق قيمتها الحقيقية، وغير مسموح للأندية باستخدام ملاعبها وصالاتها بدعوى الإجراءات الأمنية.. أضف إلى كل هذا ما فعلته السلطة مؤخرا باستحداثها بعض القوانين الجديدة التي هدفت من خلالها إلى مشاركة الأندية في دخولها الأخرى التي لم تعرف بعد كيف تضع يدها، وهي الدخول الخاصة بالعقود التي تبرمها الأندية، حيث أصدرت في شهر يونيو الماضي تعديلا في قانون رسم تنمية الموارد يقضي بفرض رسوم جديدة على عقود اللاعبين الرياضيين والأجهزة الفنية والإدارية، وكذلك تراخيص الشركات الرياضية.. كل هذا ولم نذكر قرار منع الجماهير من حضور المباريات، ذلك القرار الذي حرم الأندية من بيع التذاكر، وهو واحد من مصادر الدخل المهمة خاصة لدى الأندية الجماهيرية!!

شبح الإفلاس يواجه الرياضة المصرية!

المصدر : الجزيرة مباشر