بين مشاري وأبو ستيت تمضي أسراب الجراد

 

لفت انتباه الناس فيديو الداعية السلفي ” مشاري العفاسي يتناول طبقا من الجراد ” حيث أثني الكثيرون على تطبيق الشيخ لما أسموه السنة في أكل الجراد ولم ينتبه المشاهدون المتابعون للشيخ أن هذا الطبق ربما جاء بعد أن قضى سرب الجراد على مزرعة تخص أسرة كاملة مدمرا محصولها الذي كان يمكن أن يكفيها طوال العام قاضيا على ما فيها في طريقه لمعدة الشيخ قادما من إرتيريا والسودان الى صحراء الجزيرة العربية في السعودية والكويت عبر البحر الأحمر. 

في كل عام في مثل هذه الأوقات تظهر تنبيهات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) بشأن الجراد الصحراوي عبر نشراتها التي توضح حالات الجراد وطريقة سير أسرابه وخطورة هذه الأسراب

والتي تبدأ منذ أكتوبر وتستمر حتى شهر مارس ولمدة 6 أشهر هي فترة عمر الجرادة من بدايتها ونموها وتزاوجها وخلال ذلك كله تأكل في طريق انتقالها من بلد الى آخر اليابس والأخضر مدمرة آلاف الأفدنة .

وربما تكون الظروف الجوية هي العنصر الأكثر أهمية في اكتمال دورة حياة الجراد خصوصا في حالة سقوط الأمطار بغزارة ووجود السيول في مناطق التوالد والتكاثر والتزاوج وهو ما حدث هذا العام.

برنامج الدوار

اذكر هذا وأنا أعود بالذاكرة لنهاية فبراير وبداية مارس 2013 وتقريبا في مثل هذا الوقت عندما  أخبرني الدكتور صلاح عبد المؤمن وزير الزراعة في حكومة الدكتور هشام قنديل أن رحال  مكافحة الجراد يشاهدون برنامج الدوار بقناة نور الدنيا ( برنامج خاص بالزراعة والري والفلاحين) ولم يتطرق أحد لجهودهم في المكافحة فقررت ساعتها أن أترك البرنامج وأن انتقل الى جنوب مصر على الحدود في حلايب وشلاتين ووادي النقرة عبر ساحل البحر الأحمر مرورا بقواعد الجراد في الزعفرانة ومرسى علم وإدفو وأسوان وأسجل ذلك في تحقيق صحفي نشر في المصري اليوم

الأهم هنا وهو ما جعلني استعرض هذه الرحلة لأقارن بين عملين أحدهما واجه إحدى اشد حملات الجراد هجوما على مصر في 2013 وقضى عليها وما تبقى منها والذي وصل الى القاهرة الجديدة عبر ساحل البحر الأحمر ونجت الزراعة المصرية من كارثة بفضل الإنذار المبكر من جهات عدة وعمل جنود مجهولين

وبين وزارة الزراعة المصرية التي كانت نائمة في أكتوبر الماضي والفاو تحذر ويناير الماضي والفاو في نشراتها تجدد التحذير بل إنها رفعت درجة التحذير خوفا من وصول الجراد لوادي ودلتا النيل وساعتها سيختفي اللون الأخضر معلنا دمارا شديدا للزراعة المصرية وخرابا لبيوت الفلاحين

مازال بالإمكان أفضل مما كان إذا اخذت الوزارة الأمر على محمل الجد ووفرت للعاملين في مجال المكافحة كل الإمكانات ورفعت بدل العدوى من 9 جنيهات للعامل الى مبلغ يليق به وحسنت أوضاعهم وأعلنت حالة الطوارئ وأشركت المجتمع معها في الأمر حتى يتم رفع حالة الوعي لدى الجميع بخطر الجراد مما يساهم في القضاء على أسرابه والإبلاغ عن تجمعاته لا التعامل مع الأمر وكأنه أسرارا عسكرية لا يتم الكشف عنها إلا بعد أن يفاجئ الجراد الفلاحين

الأقل ضرارا

وحتى لا يفهم كلامنا أنه نهي للناس عن أكل الجراد فإن الإنصاف يجعلنا نقول إن جراد صحراء الجزيرة العربية ربما ضرره أقل لكن جراد إرتيريا ومصر والسودان هو خطر حقيقي يستهدف قوت الفقراء والبسطاء

 

 

 

 

 

 

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه