بشرى عصام سلطان

لقد فقدت منذ انقلاب ٣٠ يونيو / حزيران ٢٠١٣ الكثير من الأصدقاء بين شهيد و معتقل و مطارد ومختفٍ قسريا، بل فقدت أكثر من ذلك فقدت ممن هم أصدقاء و متابعين على مواقع التواصل الاجتماعي لم أرهم بل فقط جمعتنا المبادئ عبر السوشيال ميديا فهم يتواصلون و يبدون آرائهم سواء مع أو ضد و أرد عليهم لا أكثر على صفحات السوشيال واثقين أن يجمعنا ميدان قريبا ، و الحقيقة أن اشتياقي لهم جميعا لم ينقص ولكنه زاد في الآونة الأخيرة حينما أصبح إعلام ما يسمى بالشرعية يتجاهل هؤلاء الأشاوس إلا من رحم ربي، و لولاهم ما كان هناك إعلام و لا نجوم يتاجرون بالشرعية، فحينما كنا معهم نتصدى للانقلاب قبل وقوعه كان ٩٠% ممن يحسبون على النخبة يختبئ عدد منهم بحجة المرض ثم الاعتكاف و آخر بحجة قراءة المشهد و آخر كان عودا أخضرا لم يمارس الإعلام و أصبح يملك نافذة و مازال لا يصدق نفسه إلى الآن .

                     وهذا ما جعل للمرة الأولى من كثرة اشتياقي لرفقاء دربي أن يزورني مجموعة منهم في أحلامي ليلة أمس في جلسة ثورية ذكرتني بلمتنا في محمد محمود أو ماسبيرو أو العباسية أو رابعة لا تخلو من الاستفسار و التعجب و اللوم فتذكرنا بميادين الثورة والغاز المسيل للدموع والرصاص والمدرعات و تذكرنا ما حيك من مؤامرات من أول محاولة للانقلاب علينا و على الثورة في أحداث محمد محمود مرورا بمؤامرات لوقف كتابة الدستور وصمودنا لإنجازه وتذكرنا مساندتنا للرئيس مرسى وقت ما تآمر عليه الكثير وتذكرنا وقوفنا معا على منصة رابعة وصلاتنا على أرضها الطاهرة المروية بدماء إخواننا، بدأ الحلم بلهفتهم وتوقهم لمعرفة ما يدور بالخارج و أكدوا جميعا أنهم منعزلون لا يعرفون أي جديد منذ اعتقالهم

أسئلة

سأل أحدهم كيف حال الإخوان المسلمين : فكان السؤال الأول كالصاعقة فلم أستطع أن أرد بأن جماعة الإخوان المسلمين ينازعها جماعة نحو النور و جماعة الصادعين بالحق و الإكس إخوان فنظرت للأرض و قلت لهم ادعوا لهم أن يجمع الله شملهم .

فبادرني آخر و كيف حال الليبراليين و العلمانيين : فقلت له كما هم أفراد لن يستطيعوا أن يصبحوا جماعة و لم يعالجوا من الاسلاموفوبيا فمنهم من انجرف نحو حزب الله و أصبح مكشوفا أكثر للناس ونسوا و لا قيمة لهم في الشارع .

فسألني أحدهم : أين زملاؤنا الذين ساندوا الرئيس مرسى لآخر لحظة وتصدوا لبيان 3 يوليو وفطنوا أنه انقلاب ؟

فأجبته : معظمهم شهداء او معتقلون ومن تبقى طورد خارج البلاد.

فسألني : هل هؤلاء القليلون هم من يوجهوا الثوار الآن ؟

فأجبته : للأسف الإعلام تم السيطرة عليه لمصلحة معسكر لا شرعية و لا عسكر و لا إخوان

فسألني آخر متعجبا : من هي إذًا الرموز التي توجه الجمهور وتتصدر المشهد السياسي ؟!

فأجبته : بعضهم وجوه جديدة عرفناها بعد الانقلاب ومعظمهم ممن شارك في الانقلاب وعاد بعد ما طرد من جنة السيسي ولم يحصل على شيء فمنهم من عاد بدموع التماسيح بعد خسارته في انتخابات برلمان السيسي ومنهم من شارك في كتابة دستور السيسي ومنهم من طاف بلاد الغرب ليقنعهم بضرورة فض اعتصام رابعة ومنهم من روج إشاعات عن معتصمي رابعة ومنهم من استمر عضوا في مجلس حقوق انسان السيسي حتى بعد إسالة الدماء ، غيروا جلدهم وعادوا وجمعوا أنفسهم واعتبروا أنفسهم هم الأصل ويشككون فينا ويحذرون منا

العتاب

فعاتبني أحدهم منفعلا : ألم تتعلموا مما فعله بنا حزب النور ؟!! كيف تسمحون لمن تسبب في اعتقالنا وتعذيبنا نحن وإخواننا وتسبب في قتل شبابنا وترميل نسائنا وتيتيم أبنائنا وحرقة قلوب أمهاتنا أن يدخل وسطكم ثم يقصيكم ويعتلى هو منابر الثورة ؟!!

فأجبته : بالطبع يوجد مندسون هم من يعملوا لذلك بالإضافة إلى أن قليلا من الشرفاء أعتقد أنهم مخدوعون في هؤلاء قبلوهم ووضعوا يدهم بأيديهم من باب الاصطفاف لكسر الانقلاب  .

فسألني متعجبا : وما يفيد الثورة  الاصطفاف مع القاصرين فكريا المصابين بفوبيا الإسلاميين و هم المعدون و المساهمون في إجهاض أول تجربة ديموقراطية ؟!

فأجبته : لا أعرف

فسألني : هل لهم ظهير شعبي  ؟

فقلت له : لا يوجد و كان أكبر اختبار في ٢٥ يناير ٢٠١٧ حينما خرجوا بكيان جديد أو مظلة كما يقولون و لم ينزل إلى الشارع متظاهر واحد زائد عن أنصارنا الذين يخرجون منذ انقلاب ٣٠ يونيو / حزيران

فرد أحدهم : من أراد التوبة عما تسبب من دماء وضياع وطن فليتب إلى الله ويطلب عفو أصحاب الدم ويقف خلف الصفوف لا يتصدرها

فقال كبيرهم : لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا     

                    فلم أشعر بحالي من كثرة اللوم و الملام و كأنني خنت الأمانة التي حملوها لنا فلم أجد مني إلا طمأنتهم و إخبارهم أن الأمور خرجت عن السيطرة و الشعب زاد وعيه و بدأ يعلم حقيقة هؤلاء و أصبحوا يهاجمون الإعلامي الذي يستضيفهم فلا تقلقوا و كونوا خير عون فصمودكم في السجون هو الأساس وهو من يجعلنا نكمل ما بدأناه

ثم استيقظت حبيس حلمي و كأن حجرا مطبقا على نفسي يخنقني و ذهبت مسرعا لأتابع أحوال المعتقلين لأجد الأسير الصامد البطل المناضل عصام سلطان يمد لي أنبوب الأكسجين و جهاز التنفس و هو يقول قوله الفصل لكل من باع و ينوي أن يبيع و كل من يبارك الاشتراك في تمثيلية انتخابات ٢٠١٨ أو من يهرول إلى سامي عنان أو من يتاجر بالاصطفاف ” لن أعترف بالانقلاب و أهلا ببدلة الإعدام “

و كأن نومي كان صلاة استخارة

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه