د. محمد الصغير يكتب: المرشد والمستشار

د. محمد الصغير*

بدأ حياته شاباً مجاهدا، حتي أصبح للإخوان شيخاً ومرشداً
إنه الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين الذي ولد في عام 1928م وتلقي تعليمه الأول في مدرسة المنصورة الابتدائية ثم حصل علي التوجيهية (الثانوية) في مدرسة فؤاد الأول (بالقاهرة)
ثم التحق بالمعهد العالي للتربية الرياضية وتخرج في مايو 1950م ثم التحق بكلية الحقوق وكان أحد المسئولين عن معسكرات الجامعة في الجهاد ضد الاحتلال الانجليزي
وكما بدأ المقاومة مبكراً عرف طريق السجن مبكراً حيث اعتقل في سجن الطور عام 1949
(في عهد الملك فاروق)
ثم ألقي القبض عليه عام 1954م
(في عهد عبدالناصر )
وحكم عليه بالإعدام ثم خفف إلي المؤبد فقضي زهرة شبابه في السجن وخرج عام 1974م
(في عهد السادات)وفِي عام 1996م قدم للمحاكمة العسكرية فحكمت بسجنه ثلاث سنوات فيما عرف باسم
قضية سلسبيل
(في عهد مبارك)
فهو سجين كل العصور..
كانت التربية هي مجال عمله
وجل اهتمامه
ولم يكن الأستاذ مهدي عاكف
مهتما بالتربية تدريساً نمطياً
أو تعليما نظريا
بل كان من رموز التربية بالقدوة والتعليم بالسلوك
وأدل مثال على ذلك أنه تولي منصب المرشد العام للإخوان المسلمين بعد وفاة المستشار محمد مأمون الهضيبي عام 2004 م
وانتهت فترة ولايته في 2010م
وكان من حقه الترشح لفترة تالية لكنه آثر أن يكون أول من يلقب بالمرشد السابق
في سابقة نادرة في الدول العربية والتنظيمات الإسلامية فأصبح بحق
“المرشد السابق بالخيرات “
ثم جاء الانقلاب العسكري في 3يوليو ليعيد الشيخ مهدي عاكف إلي السجن وقد شارف علي التسعين وهو يعاني من أمراض شتي مما يضطرهم لنقله إلي المستشفى خارج السجن مع منع الزيارة طبعا
وقد سجلت عدسات العالم صورته داخل المحكمة وهو لا يقوى علي السير بمفرده
ومازال القوم يَرَوْنه خطراً عليهم !
لكن ذلك لم يفت في عضده ولم ينل من ثباته وإيمانه
حيث يري أنه لا سبيل لنيل الشهادة التي طالما تمناها ودعا الله بها إلا أن يلقى ربه مصفداً بقيود الظلم
أو مقيداً بأغلال الاستبداد والبغي .
وإذا كان الأستاذ مهدي عاكف قد عوقب بالسجن المؤبد وقضي المدة كاملة بتهمة تهريب “اللواء عبدالمنعم عبدالرؤوف” أحد قيادات الجيش المصري والذي أشرف علي خروج الملك فاروق من مصر .
كذلك يعاقب المستشار محمود الخضيري لانضمامه المبكر إلي ثورة 25 يناير حيث كان من أبرز القامات المصرية الموجودة في ميدان التحرير فلم يجدوا ما يلفقوه له إلا تهمة الضرب والتعذيب لشاب في الميدان !
وهو شيخ القضاة نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادي القضاة بالإسكندرية (بالانتخاب)
وقد قارب الثمانين من عمره حيث ولد عام 1940م في طهطا من أعمال محافظة سوهاج وقد جمعنا الموطن ثم جمعنا برلمان الثورة عام 2012م فكان حريصاً علي حضور الجلسات واللجان النقاش والحوار وتقريب وجهات النظر بين الجميع …..
وكنا نلاحظ حينها تدهور حالته الصحية وحاجته الدائمة إلى مرافق.
العجيب أن مدة حبسه قد انتهت ولكن يصر تلامذته الذين يجلسون علي منصة العدالة أن ينفذوا التعليمات الشرطية حرفياً باستمرار حبسه وسجنه دون نظر إليّ مرضه وسنه أو فضله وسابقته
إن النظم المستبدة والحكومات العسكرية تري صوت العقل خيانة ونصيحة المشفق خروجا عن الصف وخرقاً للإجماع الأخرق وتعاطفاً مع أعداء العصابة !
إن حالة المرشد والمستشار : تدق الناقوس
وتلفت الأنظار إلى أنه لا تسامح مع من دعا يوماً أو كان من جملة الثوار ؛
أما الجمعيات الحقوقية والمنظمات الدولية فما زالت تدعم الظلم بصمتها وتخذل المظلوم بسكوتها
وحسبنا أن الشيخيين الجليلين في معية الله وفِي أُنس بقربه وهو القادر علي رفع الغمة وفك الكربة
{لعل الله يحدث بعد ذالك أمراً}
أما الأمة التي ترى الظالم فلا تقل له يا ظالم فقد تودع منها
ونحن إذا خذلنا المظلوم بما نستطيع من كلمة أو دعوة فقد أصبحنا في عداد الظالمين.
والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

___________________

* من علماء الأزهر الشريف

المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه