الإمدادات الغربية لأوكرانيا بالأسلحة.. هل تعكس ثقة بفرص انتصارها في الحرب على روسيا؟

تصاعد حدة المعارك في الحرب الروسية الأوكرانية (رويترز)

بالرغم من عدم توصل الحلفاء الغربيين إلى أي توافق، الجمعة، لتسليم أوكرانيا دبابات ثقيلة، فإن هذه الدول تسرع إمدادات الأسلحة إلى كييف، مبدية ثقتها بفرص انتصارها في الحرب التي تشنها عليها روسيا.

وتحذر الدول الداعمة لأوكرانيا بأن الخطر الأكبر المحدق بهذا البلد هو أن يسود “سأم” في العواصم الغربية بعد مرور عام تقريبًا على بدء الحرب، في حال تراجع الاهتمام أو التعاطف حيال هذا البلد أو حمل التضخم في أسعار المواد الغذائية والطاقة القادة الغربيين على تركيز جهودهم في المشكلات الوطنية.

لكن أندري يرماك رئيس إدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قال “نرى الدعم والمساعدة يتعزّزان”.

وأضاف أن الدول الغربية تعد بمنح كييف “كل ما هو ضروري، ليس فقط من أجل وجودها، بل أيضًا من أجل الانتصار. هذا مهمّ”.

وحرصًا منهم على عدم استفزاز موسكو (القوة النووية) رفض حلفاء أوكرانيا لفترة طويلة قبل بداية الحرب منح البلد كمية كبيرة من الأسلحة، وهم يترددون كثيرًا لاتخاذ قرار بشأن تسليم “أسلحة هجومية” مثل الدبابات.

زيلينسكي يقول “ألا خيار آخر” سوى أن ترسل الدول الغربية دبابات ثقيلة إلى بلاده (رويترز)

فشل تسليم الدبابات

واليوم الجمعة، فشل وزراء الدفاع والقادة العسكريون من نحو 50 دولة في الاتفاق على تسليم كييف دبابات ثقيلة من طراز “ليوبارد” ألمانية الصنع، خلال اجتماع دعت إليه الولايات المتحدة في قاعدة رامشتاين الجوية غربي ألمانيا، لعدم الحصول على ضوء أخضر من برلين.

واعتبر زيلينسكي في خطابه المسائي عبر الفيديو “نعم، علينا أن نواصل القتال للحصول على دبابات حديثة، وكل يوم نؤكد بوضوح أكبر، ألا حل آخر أمام الدول الغربية سوى إرسال الدبابات”.

وبالرغم من اضطرار كييف لانتظار الدعم بالدبابات، فإن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسويد والدنمارك أصدرت إعلانات منفردة عن إرسال شحنات أسلحة كبيرة إلى البلد، من ضمنها مدرعات وصواريخ بعيدة المدى وعالية الدقة.

ووعدت لندن كييف بدبابات ثقيلة من طراز “تشالنجر”، فيما تواجه ألمانيا ضغوطًا شديدة حتى تسمح للدول التي تملك دبابات “ليوبارد” بأن تسلمها لأوكرانيا.

لكن في الأحوال كافة، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن بلاده ستواصل مساعدة أوكرانيا “ما دام ذلك ضروريًا”.

أوكرانيا تتطلع للحصول على دبابات “ليوبارد 2” الألمانية الصنع (رويترز)

وقالت رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين “أعتقد أن الرسالة الوحيدة التي نحتاج إلى توجيهها، هي أننا سندعم أوكرانيا ما دام ذلك ضروريًا”، مضيفة “سنة، سنتان، 5 سنوات، 10 سنوات، 15 سنة”.

واعتبرت نائبة رئيس الوزراء الكندي كريستيا فريلاند أن “أوكرانيا ستنتصر” حتمًا، وأضافت “دعونا ننتهي من هذا الأمر على وجه السرعة”.

الهجوم على القرم

تكمن المفاجأة الجديدة، ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز من أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن باتت “أكثر تقبلًا لفكرة أن تهاجم أوكرانيا القرم” شبه الجزيرة التي احتلتها روسيا وضمتها عام 2014 التي كانت تعدّها واشنطن حتى الآن خطًا أحمر يجب ألّا تتخطاه أوكرانيا.

والأمر كذلك بالنسبة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي بات يتحدث علنًا عن انتصار أوكرانيا، واعدًا بتقديم دبابات خفيفة من طراز AMX-10 RC ستصل ابتداء من الشهر المقبل، على الرغم من أنه دعا في الماضي إلى عدم “إذلال” روسيا.

الغرب واهم

ورأى المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الدول الغربية “متوهمة” حول قدرة أوكرانيا على الانتصار “على أرض المعركة”.

وكان الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف قد حذّر من أن “قوة نووية تخسر في حرب تقليدية يمكن أن تتسبب باندلاع حرب نووية”.

الرئيس الروسي السابق دميتري مدفيديف (رويترز)

ويرى المحللون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يسعى لتعبئة مزيد من الرجال أو لإطالة أمد النزاع مراهنًا على الوقت بوجه الدول الغربية التي قد تشهد انتخابات تؤدي إلى تغيير حكومات، أو قد يتراجع استعدادها للإبقاء على مستويات المساعدة الحالية لأوكرانيا.

لكن المؤكد الآن أن النقاش حول “السأم” حيال أوكرانيا قد أغلق، ولا سيما برأي السيدة الأولى أولينا زيلينسكا التي ردت على أسئلة صحفيين في دافوس مؤكدة “سأكون صريحة تمامًا معكم، سئمت الأسئلة حول السأم”.

دحر القوات الروسية

ميدانيًا، أعرب رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي عن شكوكه الشديدة في تمكن أوكرانيا من دحر القوات الروسية من أراضيها هذا العام.

وقال ميلي إثر اجتماع لحلفاء أوكرانيا في قاعدة رامشتاين في ألمانيا “من وجهة نظر عسكرية، ما زلت أرى أنه سيكون من الصعب جدًا في هذا العام دحر القوات الروسية عسكريًا من كامل أوكرانيا المحتلة”.

وأضاف “هذا لا يعني أن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل، لكنه سيكون بالغ الصعوبة”.

وذكر ميلي أنه يمكن “للأوكرانيين أن يشنوا هجومًا واسع النطاق بهدف تحرير أكبر قدر من الأراضي”، لكن “ذلك يبقى رهنًا بتسليم المعدات والتدريبات”.

رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي (رويترز)

هجوم مضاد

في السياق، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن الولايات المتحدة تتوقع هجومًا مضادًا للقوات الأوكرانية في الربيع، مؤكدًا أن ما يسعى إليه الحلفاء هو مساعدة كييف في الإعداد لذلك.

كما ذكر مسؤول أمريكي كبير أن على أوكرانيا ألا تسعى للدفاع عن مدينة باخموت بأي ثمن، وأن تركز أكثر على الاستعداد لشنّ هجوم مضاد كبير.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن المسؤول -طلب عدم ذكر اسمه- في إدارة بايدن قوله إن الأولوية المعطاة للقتال في باخموت تعرقل أوكرانيا في مهمتها الأساسية المتمثلة في التحضير لهجوم استراتيجي ضد الروس جنوبي البلاد خلال الربيع.

وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن (رويترز)

ورأى المسؤول أن تخفيف التركيز على المدينة يتيح لأوكرانيا تمكين عدد أكبر من عسكرييها من الاستفادة من برامج التسليح والتدريب التي تديرها الولايات المتحدة من أجل تشكيل مزيد من الوحدات عالية الكفاءة وتوظيفها في شنّ هجوم في الجنوب. مؤكدًا أن انتصار روسيا في باخموت لن يغيّر مجرى الحرب.

وأشار المسؤول إلى أن أسلحة ستستعمل في الهجوم المضاد المرتقب تتدفق حاليًا على أوكرانيا، من بينها مئات من المركبات المدرعة وهي من المعدات التي ستكون مطلوبة لتشكيل قوة هجومية متحركة.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات