“خلافات” قد تجر العملية السياسية في كردستان العراق إلى الهاوية

برلمان إقليم كردستان العراق
برلمان إقليم كردستان العراق

سبعة أشهر أو أكثر، مضت على موعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان العراق، دون أن تستقر الاحزاب المتنازعة على تقاسم المناصب.

العملية الانتخابية:
  • الانتخابات تصدر نتائجها، الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، بواقع 45 معقدا من أصل 111 عدد مقاعد برلمان كردستان العراق، في عملية انتخابية تأجلت أكثر من مرة بسبب مشاكل سياسية قبل إجرائها في 30 من سبتمبر/أيلول الماضي.
  • عملية شابها الكثير من الخروقات والاتهامات بالتزوير، تقدمت بها أحزاب وكيانات انتخابية خاسرة للمفوضية العليا لانتخابات الإقليم، وبحسب تلك الكيانات فإن التلاعب طال البطاقة الذكية للناخبين والتي اعتمدت لأول مرة في كردستان كإجراء لمنع الخروقات الانتخابية.
  • أصابع الاتهام كانت تشير الى الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي والوطني الكردستاني في كل مرة.
أحزاب متنازعة:
  • الأشهر مضت دون أن تستقر الاحزاب المتنازعة على تقاسم المناصب ، ما عرقل مساعي “مسرور بارزاني” النجل الأكبر لمسعود بارزاني والمكلف بتشكيل الحكومة المقبلة لكردستان إعلان التشكيلة الوزارية.
  • الحزب الديمقراطي، بحسب الاتحاد الوطني، استحوذ على الرئاسات الثلاث (رئاسة الإقليم والحكومة والبرلمان) مستندًا إلى استحقاقه الانتخابي وإلى موافقة غالبية الاحزاب الكردية مكرهين أو راغبين ومن ضمنها حركة التغيير التي كانت من أعتى المعارضين للحزب الديمقراطي، وتمديد رئاسة البارزاني لإقليم كردستان، إذ تفجر الخلاف بينهما على خلفية منع حزب البارزاني من دخول الدكتور يوسف محمد رئيس البرلمان السابق إلى مبنى البرلمان، ما أدى إلى تعطيل البرلمان وحال دون عقده جلساته لعدة أشهر.
  • لكن يبدو أن حزب البارزاني قد استخدم عصاه السحرية من جديد وتمكن بعد عقد جلسات تفاوضية مع حركة التغيير، من إنهاء الصراع المزمن بينهما بل وتحويله في عملية عكسية إلى توافق.
  • لا يُعرف بالتحديد ما هي الأمنيات والمطالب التي حققتها تلك العصى لحركة التغيير إضافة إلى منصب نائب رئيس الإقليم… لكن المفاوضات تكللت بموافقة وتصويت حركة التغيير للدكتورة فالا فريد، مرشحة الديمقراطي لمنصب رئاسة البرلمان وتمكين الديمقراطي بأغلبية نيابية من الحصول على رئاسة البرلمان.
  • هذا الأمر أثار حنق الاتحاد الوطني صاحب ثاني استحقاق انتخابي بواقع 21 مقعدا والذي يرى المنصب استحقاقًا له، كما يطالب بمناصب أخرى مهمة من بينها منصب مستشار مجلس أمن كردستان.
رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني (رويترز-أرشيف)
تصريحات الناطق باسم الحزب الديموقراطي:
  • عطا شيخ حسن، المتحدث باسم قيادة الحزب الديمقراطي في السليمانية، يدافع عن موقف حزبه الذي يمنحه استحقاقه الانتخابي حق تشكيل حكومة الأغلبية السياسية كما تنص الأعراف والقوانين الانتخابية، بحسب رأيه.
  • شيخ حسن: بيد أن الحزب مطلع على حدوث جملة من المتغيرات الجيوسياسية بالمنطقة في المستقبل القريب ولأجله آثر الحزب تشكيل حكومة شراكة ذات قاعدة موسعة استعدادًا لمواجهة تلك المتغيرات وإلا فان الخيار الأنسب للحزب تشكيل حكومة أغلبية سياسية.
  • لكن هذا المنطق لا يجد مساحة وفيرة عند من هم في طرف النقيض للحزب الديمقراطي وخصوصًا الاتحاد الوطني الكردستاني والذي بات يتحدث بصراحة عن استحواذ شريكه الأزلي على مقاليد الحكم ومكامن الثروات في كردستان العراق.
بيئة سياسية معقدة:
  • طارق جوهر وهو مراقب سياسي مقرب من الاتحاد الوطني، يرى أنه من المستحيل تشكيل حكومة ناجحة دون إشراك الاتحاد الوطني.
  • جوهر: الاستحقاق الانتخابي مهما كان كبيرًا فانه لا يؤهل لصاحبه تشكيل حكومة أغلبية سياسية في بيئة معقدة مثل واقع الحال في كردستان.
  • جوهر: حل المشاكل مع بغداد لا ينجح وفق رؤية أحادية تسيطر على القرار السياسي في أربيل.
  • لكن الحزب الديمقراطي ليس الحزب الوحيد في كردستان الذي استغل منطق الأمر الواقع لحصوله على مناصب رئاسية، فقبل مجرد أشهر، استمات حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لأجل نيل منصب رئاسة جمهورية العراق، معتبرًا إياه استحقاقًا وطنيًا لمنصب شغله الرئيس الراحل جلال طالباني “زعيم الاتحاد” لدورتين رئاسيتين لحين لمرضه ووفاته. 
  • بعدها تم التصويت لـ “برهم صالح” رئيسًا للعراق وهو من قيادات الصف الأول في الاتحاد الوطني على حساب مرشح الحزب الديمقراطي “فؤاد حسين”، ما أخرج الخلافات القائمة بين الحزبين إلى العلن كاشفًا عنها الغطاء لتتجلى بصورتها الحالية “القاتمة”.
برهم صالح مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني رئيسا للعراق (رويترز)
 طلاق سياسي:
  • لكن الديمقراطي وبدل الخوض في المياه العكرة لتلك الخلافات، ذهب إلى خوض مفاوضات توصف بالمريرة مع غالبية الاحزاب الموجودة على الساحة الكردستانية وتتسم بتلويح الحزب بعصا مجردة وقد علقت على طرفها جزرة.
  • الديموقراطي نجح في استمالة حركة التغيير التي تنافس حزب الاتحاد في السليمانية، ليرد بذلك الصاع صاعين للاتحاد الوطني.
  • لكن تلك الجولات التفاوضية لم تشمل حركة الجيل الجديد تلك الحركة الفتية التي خرجت من رحم الصراع القائم بين الأحزاب الكردية وشكلت مفاجأة غير سارة للأحزاب التقليدية بحصولها على ثمان مقاعدة برلمانية.
  • الخلاف مستعر بينهما، إذ يرفضان مجرد الإتيان بسيرة بعضهما بعضا، ما يجعلنا نعتقد بوجود حالة طلاق سياسية بينهما فيما تعقد زيجات سياسية عرفية بين الحزب الديمقراطي وأحزاب أخرى على أساس المصالح والمناصب، لكن هل يمكن أن تؤول الأمور إلى التصالح مع حركة الجيل الجديد؟ ربما، ففي السياسة لا يوجد ما هو غير قابل للتغير طالما المصالح دائمة.
المصدر : الجزيرة مباشر