آبي أحمد.. من بنادق النضال إلى جوائز السلام

آبي أحمد.. من بنادق النضال إلى جوائز السلام

يمثل، آبي أحمد علي، بالنسبة للإثيوبيين ملتقى لتيارات مختلفة من الأديان والطموحات والطبقات الاجتماعية، لكنه يمثل للقومية الأورومية أول أرومي يحكم أُثيوبيا في تاريخها القديم والحديث.

آبي أحمد
  • آبي أحمد، عقيد الاستخبارات السابق ابن الثانية والأربعين ربيعًا، يمثل للإثيوبيين ملتقى تيارات مختلفة من الأديان والطموحات والطبقات الاجتماعية، لكنه يمثل أيضًا بالنسبة لقومية الأورومو أول أرومي يحكم أُثيوبيا في تاريخها القديم والحديث.
  • الأسبوع الماضي انتقل تكريم آبي أحمد من الإطار المحلي والإقليمي إلى الفضاء الدولي الأرحب مع الإعلان عن منحه جائزة نوبل للسلام تقديرًا لجهوده في إنهاء أطول نزاع أفريقي، راح ضحيته عشرات آلاف الأفارقة من دولتي إثيوبيا وإرتيريا.
ابن الديانتين
  • ولد آبي أحمد في 15 أغسطس/آب 1976 لأم مسيحية أمهرية وأب مسلم من قومية الأورومو، وعاش في بيت يتقاسم الإسلام والمسيحية والنضال ضد الحكومة الماركسية التي كانت مسيطرة على إثيوبيا منذ عقود.
  • بدأ آبي أحمد حياته السياسية مقاتلًا في صفوف المنظمة الديمقراطية لشعب أورومو، مطلع تسعينيات القرن الماضي، ثم تحوّل إلى جندي في قوات الدفاع الوطني الإثيوبية عام 1993.
  • من بوابة الجيش والأمن ترقى آبي أحمد في سلم المؤسسة العسكرية والأمنية الإثيوبية، وأهله ذلك لاحقًا لتبوء مناصب سياسية سامية في السلطة، ومن جندي بسيط ارتقى آبي أحمد ليصبح عقيدًا في الجيش، قبل أن يكون في العام 2008 أحد مؤسسي الوكالة الوطنية للاستخبارات التي قادها فعليا لسنتين.
  • كرس الرجل الأربعيني عقد التسعينيات من حياته للعمل العسكري متنقلا بين المواقع والمراتب والمناصب، قبل أن يتحول مع بداية الألفية الجديدة إلى المجال المدني، حيث شغل عضوية مجالس إدارة العديد من الوكالات الحكومية التي تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأنشأ عام 2007 وكالة أمن الشبكات الإثيوبية (إنسا).
  • بالتوازي مع ذلك عاد آبي أحمد مرة أخرى إلى مقاعد الدرس وحرم الجامعات، لينال العديد من الشهادات الجامعية من بينها واحدة في هندسة الحاسوب (2001) قبل أن يتوج مساره الدراسي بشهادة دكتوراه عام 2017 من معهد دراسات السلام والأمن التابع لجامعة أديس أبابا، وكان موضوعها النزاعات المحلية في البلاد.
آبي أحمد (يسار) والرئيس الإريتري أسياسي أفورقي (يمين)
العمل السياسي
  • جاءت النقلة الثالثة البارزة في مسار الرجل في العام 2010، بانتقاله إلى العمل السياسي، حيث أصبح نائبًا عن حزب أورومو العضو في التحالف الحاكم ثم في 2015 وزيرًا للعلوم والتكنولوجيا.
  • في العام ذاته كانت حركة الاحتجاج تتسع ضد الحكومة التي هو عضو فيها، ولكن داخل أكبر مجموعتين عرقيتين في البلاد الأورومو الذين ينتمي إليهم وقومية الأمهرة.
  • الأورومو هم كبرى القوميات الإثيوبية، ويمثل المسلمون أغلبيتها الساحقة، وتحتج هذه القومية منذ عشرات السنين على انتهاك حقوقها.
  • واجهت الحكومة احتجاجات -الأورومو التي امتدت خلال 2016 إلى جهات أخرى، منها مناطق أمهرة في الشمال- بقمع شديد.
  • لكن قمع الحكومة لم يفت في عضد الحركة الاحتجاجية التي تواصلت حتى أطاحت برئيس الوزراء هايلي مريام ديسيلين الذي كان رمز تحالف عاجز عن تلبية طموحات الشباب.
  • ابتسم السعد يومها لآبي أحمد ومجموعته العرقية، حين قررت الجبهة الديموقراطية الثورية للشعب الإثيوبي اختياره لإنقاذ الوضع ليصبح أول فرد من تلك المجموعة يتولى رئاسة الوزراء.
  • أدى اليمين الدستورية بشكل رسمي رئيسًا للوزراء في إثيوبيا في 02 أبريل/نيسان 2018، بعد المصادقة على تسميته رئيسًا للوزراء من قبل البرلمان الإثيوبي.
جائزة نوبل للسلام ذهبت هذا العام لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد
وساطات ومصالحات
  • 18 شهرًا كانت الفترة الفاصلة بين تولي آبي أحمد السلطة والإعلان عن منحه جائزة نوبل للسلام، وهي فترة قصيرة جدًا بمعيار الزمن، ولكنها كانت كثيفة وعريضة بمعيار الإنجاز بالنسبة لأنصار الرجل.
  • شهدت فيها إثيوبيا لحظات فارقة بدأت بإطلاق سراح الآلاف من السجناء السياسيين مرورًا برفع الحظر عن مجموعات المعارضة المسلحة، وانتهاء بإطلاق وتعزيز الحريات على نطاق واسع.
  • خلال الفترة المنصرمة من حكمه، انتهج آبي سياسة انفتاح على الجميع، وخصوصًا المعارضين السابقين والنساء، كما أعلن عن مشاريع تنموية عدة من بينها مشروع زراعة مليار شجرة في إثيوبيا سعيًا إلى استعادة الغطاء النباتي لأرض (النجاشي)
  • كانت الخطوة الأبرز، حين قرر وضع حد لأحد أكبر النزاعات في تاريخ القارة الأفريقية بين بلاده وإريتريا، النزاع الذي اندلع في عام 1998، بشأن السيادة على منطقة حدودية بين البلدين، وراح ضحيته حوالي 80 ألف شخص، وأكثر من نصف مليون نازح ومهجر.
  • بعد أن انتهت الحرب بين البلدين، سعى آبي إلى توسيع دائرة المصالحات بين حكومات القرن الأفريقي، فتوسط لتطبيع العلاقات بين الصومال وإريتريا، وساهم في تقليص فجوة الخلاف بين جيبوتي وإرتيريا، وتوسط أيضا بين كينيا والصومال في نزاعهما البحري.
  • مع اندلاع الأزمة في السودان طار آبي أحمد إلى الخرطوم باحثًا عن السلام، وكان له دور كبير في الاتفاق بين الأطراف السودانية، ما سمح بالتحول الحاصل ديمقراطيًا في المشهد السوداني حاليًا.
آبي أحمد في أحدث وساطة لحل المشكل السوداني- جوبا 14 أكتوبر
نوبل للزعيم الصاعد
  • بسبب كل ذلك، نال آبي أحمد جائزة نوبل للسلام تكريمًا لجهوده في إحلال السلام في إثيوبيا والقرن الأفريقي، واعتبر آبي أن الجائزة قد “منحت لأفريقيا”.
  • لكن الأبعاد المختلفة للجائزة، تؤكد أن آبي أحمد استطاع كسب كثير من القوة قد تساعده على إكمال وتطوير مشروعه السياسي والاقتصادي في بلاده وفي المنطقة.
  • كما أن الجائزة تمثل رسالة أخرى بأن آبي أحمد أصبح أحد أبرز رجالات المجتمع الدولي في الشرق الأفريقي وربما في القارة السمراء عمومًا.
المصدر : الجزيرة مباشر