تقرير: كيف تربط شركات التجسس الإلكتروني الإسرائيلية مصالحها بالولايات المتحدة؟

(رويترز)

كشف تقرير نشرته فايننشال تايمز البريطانية، السبت، أن غالبية الشركات العاملة في مجال تصنيع الأسلحة الإلكترونية، وعلى رأسها الشركات الإسرائيلية، تلجأ إلى ربط مصالحها بالولايات المتحدة، بأشكال عدة تجنبًا للصدام في مراحل لاحقة معها، ومخاطر التعرض لعقوبات.

ويستهل التقرير الذي شارك في إعداده مجموعة من مراسلي الجريدة في لندن وهونغ كونغ، ما أورده من معلومات بأنه في صيف عام 2019، بينما كانت شركة باراغون الإسرائيلية تبني واحدًا من أشرس الأسلحة السيبرانية، قامت بخطوة حصيفة قبل أن تسعى لاستقطاب أي عميل، وقررت أن تجذب الأمريكيين إلى صفها أولًا، لأنها في بدايتها شهدت بنفسها كيف عانت شركة (إن إس أو) الإسرائيلية من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بسبب تبعات برنامج بيغاسوس للتجسس، الذي صممته، لدرجة وضعها على القائمة السوداء لوزارة الدفاع (البنتاغون).

ويشرح التقرير أن باراغون اعتبرت بالدرس الذي تلقته (إن إس أو)، لذلك لجأت للحصول على استشارات من مختصين أمريكيين، كما حرصت على الحصول على ممولين أمريكيين من المجموعات الاستثمارية الكبرى، وحصلت على عميل بارز في البداية وهو الحكومة الأمريكية نفسها.

ويقول التقرير إن “مقابلات مع نصف دستة من الشخصيات البارزة في المجال بخصوص تباين مسار الشركتين الإسرائيليتين، أوضحت كيف يتم تغيير شكل الصناعة لتتمركز حول أصدقاء ومصالح الولايات المتحدة”، وحسب ما أكده 4 من هؤلاء الخبراء فإن الوكالة الفيدرالية للرقابة على المخدرات، بين أبرز عملاء شركة باراغون وخاصة برنامجها البارز المعروف بلقب (غرافيت)، وهو عبارة عن نظام إلكتروني، معروف بقدرته على اختراق أنظمة الحماية في الهواتف النقالة الحديثة، وتجنب أنظمة تشفير الرسائل في برامج المراسلة، مثل واتس آب، وسيغنال، وقدرته على حصد البيانات أحيانًا من برامج حفظ البيانات السحابية، تمامًا كما يفعل برنامج بيغاسوس.

ويكشف التقرير أن الشركة أسسها إيهود شنيرسون، القائد السابق للوحدة 8200 الخاصة في الجيش الإسرائيلي بالعمليات الاستخباراتية، حسب تأكيدات أشخاص مطلعين على وثائق الشركة، التي تضم أيضًا في مجلس إدارتها شخصيات إسرائيلية بارزة مثل رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، وتمكنت من تأمين استثمارات من صندوقين استثماريين بارزين في الولايات المتحدة، هما (باتري فينشرز) و(رد دوت).

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك (رويترز)

ويواصل التقرير أن الشركة قامت بعد نصيحة من أحد كبار مسؤولي الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد)، بتعيين عدد من المستشارين الأمريكيين بينهم مستشار سابق في شركة (ويستكس) ذات النفوذ الواسع في واشنطن، التي يعمل فيها مسؤولون بارزون في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، على رأسهم ميشيل فلوروني، وأفريل هاينز، وأنتوني بلينكن، كما تمت استشارة السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، دان شابيرو.

وأكدت شركة (ويستكس) أنها “قدمت الاستشارات لشركة باراغون بخصوص دخولها الأسواق الأمريكية، والأوربية، إضافة إلى تأسيس برنامجها الأخلاقي الذي يضمن استخدامات تقنياتها بشكل مناسب”.

ويوضح التقرير أنه بعد تولي إدارة بايدن، تم تعيين أنتوني بلينكن وزيرًا للخارجية، بينما يشغل هاينز حاليًا منصب مدير الاستخبارات الوطنية، وذلك بعدما خرج الرجلان من منصبيهما في (ويستكس)، وقت التعاقد مع باراغون، مضيفًا أن فلوروني، الذي تم ترشيحه لشغل منصب وزير الدفاع، يبقى حاليًا واحدًا من أبرز المستشارين في الولايات المتحدة بخصوص الشؤون الخارجية.

ويشير التقرير إلى أنه “في الفترة الماضية مالت بعض الأنظمة في المنطقة العربية، إلى استبدال برنامج بيغاسوس، للتنصت على الهواتف، الخاص بشركة (إن إس او)، الذي طالته الفضائح الإعلامية قبل سنوات، ببرنامج (غرافيت) الخاص بشركة باراغون”، وفقًا للتقرير.

وأضاف أن بايدن أصدر لاحقًا قرارًا رئاسيًا أعاد تشكيل وجه الصناعة بأسرها، بتفضيل برامج التجسس التي يبيعها حلفاء الولايات المتحدة، على نظيراتها التي تبيعها شركات تستهدف الربح “من التعاقد مع أنظمة سلطوية”.

ويختم التقرير بالإشارة إلى أن أسلوب صياغة قرار بايدن، يوجه أصابع الاتهام لشركة (إن إس أو) بينما يفسح المجال لشركات أخرى مثل باراغون، للاستمرار والازدهار وبيع منتجاتها، لكن فقط لحلفاء الولايات المتحدة المقربين، لأن نظرة واشنطن تتمحور حول فكرة أن أصدقاءها لن يسيئوا استخدام هذه البرمجيات ضد منظمات المجتمع المدني، أو للتجسس على مسؤولي الولايات المتحدة، ومبعوثيها في الخارج.

المصدر : فايننشال تايمز