أهالي ضحايا انفجار بيروت يعتصمون دعمًا لقاضي التحقيق والمدعي العام يحيله إلى التفتيش القضائي (فيديو)

اعتصم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، اليوم الخميس، دعمًا لمسار التحقيق الذي يقوده القاضي طارق بيطار بعدما أشعل استئنافه التحقيق مواجهة غير مسبوقة داخل القضاء.

ويواجه بيطار (48 عاما) منذ تسلمه التحقيق قبل عامين عقبات وتدخلات سياسية حالت دون إتمامه لمهمته، وتهدد حاليا بنسف التحقيق في الانفجار المروّع الذي أوقع في الرابع من أغسطس/ آب 2020 أكثر من 215 قتيلًا و6500 جريح وألحق دمارًا واسعًا بالعاصمة.

وتجمع العشرات من أهالي الضحايا، رافعين صور أبنائهم أمام قصر العدل في بيروت، بحضور ناشطين حقوقيين ونواب وسط إجراءات أمنية مشددة في محيط قصر العدل وداخله.

ورغم عشرات الدعاوى التي علقت تحقيقاته منذ 13 شهرا واعتراض قوى سياسية رئيسية أبرزها حزب الله على عمله واتهامه بتسييس الملف، وصولًا إلى المطالبة بتنحيه، استأنف بيطار الاثنين الماضي بشكل مفاجئ تحقيقاته بالادعاء على 8 أشخاص، بينهم النائب العام التمييزي غسان عويدات ومسؤولان أمنيان رفيعان.

وحدد، الثلاثاء، مواعيد لاستجوابهم مع مدعى عليهم آخرين لكن النيابة العامة التمييزية سارعت إلى رفض قراراته كافة.

طارق بيطار قاض لبناني مسؤول عن التحقيق في تفجير مرفأ بيروت (مواقع التواصل)

مواجهة قضائية

وتصاعدت المواجهة القضائية الأربعاء مع ادعاء عويدات على بيطار بتهمة “التمرد على القضاء واغتصاب السلطة” ومنعه من السفر. كما قرر إخلاء الموقوفين الـ17 في التحقيق، في خطوة تعكس حجم الانقسام داخل الجسم القضائي.

واستدعى عويدات بيطار للمثول أمامه صباح الخميس، لكنه “رفض المثول أمامه”، وقال لوكالة الأنباء الفرنسية إنه “لا يحق” لعويدات اتخاذ القرارات التي أعلنها لكونه مدعى عليه في القضية، وأضاف “مستمر بواجباتي وبتحمل مسؤولياتي في ملف المرفأ حتى النهاية”.

وأصدر عويدات، اليوم الخميس، قرارا إضافيا يطلب فيه من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة سر النائب العام لدى محكمة التمييز “عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة أو مراسلة أو أي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ”.

وحظيت قرارات عويدات بدعم مباشر من حزب الله، واعتبرها النائب إبراهيم الموسوي في تغريدة أمس الأربعاء، “خطوة في الطريق الصحيح لاستعادة الثقة بالقضاة والقضاء بعدما هدمها بعض أبناء البيت القضائي”.

وأرجعت السلطات اللبنانية الانفجار إلى تخزين كميات ضخمة من نيترات الأمونيوم داخل المرفأ من دون إجراءات وقاية، واندلاع حريق لم تُعرف أسبابه. وتبيّن لاحقًا أنّ مسؤولين على مستويات عدّة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحرّكوا ساكنًا.

لكن كافة محاولات المحقق العدلي السابق فادي صوان والحالي، لاستجواب مسؤولين سياسيين وأمنيين، باءت بالفشل وسط ضغوط سياسية.

انفجار مرفأ بيروت (AP)

تداعيات خطيرة

وتنذر المواجهة الحالية بأزمة قضائية تضاف إلى أزمتي لبنان الاقتصادية والسياسية في ظل شلل عام في عمل المؤسسات الدستورية كافة.

وأثارت قرارات النيابة العامة التمييزية بالادعاء على بيطار وإطلاق سراح كافة الموقوفين غضب أهالي الضحايا وحقوقيين رأوا في الخطوة “انقلابًا” قضائيًّا يكرّس ثقافة “الإفلات من العقاب” التي لطالما طبعت المشهد العام في بلد يحفل تاريخه باغتيالات وانفجارات وملفات فساد، نادرًا ما تمّت محاسبة المتورّطين فيها.

ورغم إصدار عويدات منع سفر الموقوفين الذين أخلى سبيلهم، فإن أحدهم -ويدعى زياد العوف، وهو لبناني أمريكي شغل منصب رئيس مصلحة الأمن والسلامة في مرفأ بيروت- تمكّن من المغادرة إلى الولايات المتحدة.

وتثير المواجهة القضائية التي لم تتضح تداعياتها بعد خشية واسعة، وقال رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء إن الانقسامات في الهيئة القضائية تنذر “بتداعيات خطيرة” إذا لم يعمل المعنيون على حل تلك المعضلة بحكمة.

وواصلت الليرة اللبنانية الانحدار، حيث انخفضت إلى 60 ألفا للدولار الأمريكي مقارنة بمعدل 1500 قبل أن يبدأ الانهيار المالي في لبنان عام 2019.

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالات