“سفراء المدينة”.. تاكسي الخرطوم يكافح للصمود (فيديو)

في أحد شوارع الخرطوم تتجمع سيارات صفراء متهالكة، يجلس بداخل كل منها سائق يختبئ من لفحات الشمس الحارقة بانتظار زبون قد يأتي أو لا.

يطوف حول هؤلاء رجل استسلم للشمس يحمل قلما وقطعة ورق مقوّى رُسم عليها جدول يسجل فيه من حضر إلى الموقف وينظم حركة السيارات حسب الدور.

هنا تتجمع سيارات أجرة الخرطوم مميزة عن باقي سيارات العاصمة السودانية بلونها الفاقع ولوحتها الخضراء، تروي كل قطعة من هذه السيارات تاريخ المدينة وترسم مع بعضها لوحة من الماضي.

تمرّ السيارات حديثة وفارهة من الشارع الرئيسي حيث موقف سياراة الأجرة ذات اللون الأصفر البالية وكأن الزمن نسيها.

يركب أحد السائقين سيارته -بحثا عن زبون نادر- ويجلس على مقعده المتهالك، وقد غطاه بقطعة قماش سميكة علها تسند ظهره، يحاول تشغيل السيارة بصعوبة وبعد عدة محاولات يُسمع صوتها.

يحرص العم عنبر على تشغيل جهاز الراديو وضبطه على إذاعة الأغاني السودانية القديمة، ثمّ يبدأ بتدوير المِقود للخروج من وسط الزحام، وهو يسأل الزبون “من أين تحب أن نتجه؟”.

يقول السائق العجوز لكاميرا الجزيرة مباشر، إنه يعمل على سيارته منذ سنة 1977 أي 43 عاما.

يروي العم عنبر تاريخ سيارة الأجرة في الخرطوم بفخر كبير، ويقول إنه بدأ العمل سنة 1939، وهي السنة الأولى التي أصبح فيها لسكان العاصمة تاكسي.

لا يعتبر العجوز أن تاكسي الخرطوم مجرد سيارة أجرة عادية، بل هو من معالم المدينة، ويقول إنه “لازال يقاوم رغم أنهم يحاربوننا”.

ويرى السائق أن السماح للركشة (التوك توك) أو “الكريزات” (سيارات النقل الجماعي) وغيرها من وسائل نقل غير نظامية بالعمل داخل العاصمة هو تضييق على سيارات الأجرة.

ويمضي العم عنبر بإصرار قائلا “رغم ذلك لايزال التاكسي صامد وسيظل صامدًا، فهو معروف عالميا”، ويضيف أن سائقي سيارات الأجرة في الخرطوم معروفون بالأمانة والصدق.

وقال للجزيرة مباشر إن إيراد سيارة الأجرة كان يكفي السائقين لإعالة أسرهم وإن منهم من أصبح أبناؤهم أطباء ومهندسين وأساتذة، من هذه المهنة البسيطة التي تراجعت الآن ولم يعد دخلها كافيا.

وأفاد سائق آخر بأن سيارات الأجرة تحرص على نقل المواطنين بمقابل أقل من ذلك الذي تفرضه وسائل النقل الحديثة، لذلك يعتبر التمسك بهذه المهنة أمرًا صعبًا.

يعتز السائقون بالعمل الذي يؤدونه، ويرون فيه معاني أخرى أعمق من كونه مجرد وظيفة، إذ قال سائق ثالث للجزيرة مباشر يعمل في المهنة منذ 1996 إن “سائق التاكسي هو سفير داخل بلده”.

وشدد أنه وزملاءه لن يتنازلوا عن مهنتهم، قائلا إن لهم مطالب من المسؤولين بتجديد سيارات الأجرة المتهالكة والتي لا يقل عمر أحدثها عن 20 سنة.

المصدر : الجزيرة مباشر