مقاطعة الديزل الروسي.. هل تعاقب أوربا نفسها؟

لطالما كانت روسيا المورّد الرئيسي للديزل إلى أوربا (رويترز)

يدخل قرار حظر واردات مشتقات الوقود الروسي إلى دول الاتحاد الأوربي حيز التنفيذ، بدءًا من 5 فبراير/شباط المقبل، في مسعى من التكتل لتقليص عائدات موسكو المالية بغية لجم قدرتها على تمويل حربها في أوكرانيا.

القرار الذي يأتي ضمن حزمة عقوبات بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022، يُتوقع أن يؤثر على أسعار الديزل عالميًّا وعلى دول الاتحاد الأوربي بشكل خاص.

روسيا المورّد الرئيسي

يُعَد الديزل، الآن، أحد أكثر المشتقات تراجعًا في المعروض منه، لأسباب مرتبطة بعدم قدرة مصافي التكرير على تلبية الطلب المتزايد عالميًّا، وتبايُن المعروض بين مستويات مريحة في شرقي آسيا، وشح في أوربا والولايات المتحدة.

ولطالما كانت روسيا المورّد الرئيسي للديزل إلى أوربا، وصدّرت نحو نصف حاجة التكتل في العام 2022، في وقت لا تنتج المصافي الأوربية ما يكفي لتلبية طلب أسطول القارة الكبير من سيارات الديزل.

لا تنتج المصافي الأوربية ما يكفي لتلبية طلب أسطول القارة الكبير من سيارات الديزل (رويترز)

أزمة الديزل الأمريكي

وتعاني الولايات المتحدة التي أصبحت أحد مزودي الديزل إلى أوربا، منذ شهور، تراجعًا في معروضه، بسبب عدم قدرة مصافيها على تلبية الطلب، وتراجُع الاستثمار في التكرير.

حيث انخفضت مخزونات الديزل في الولايات المتحدة بنهاية العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ 1952، وفق بيانات أوردتها صحيفة (نيويورك تايمز).

وتواجه واشنطن تحديات مرتبطة بإحلال الديزل المنتج لديها في الأسواق الأوربية بدلًا من الديزل الروسي، وتوفير هذه السلعة للمواطن الأمريكي بأسعار مريحة.

ويُظهر تقرير لشركة Vortexa لتحليلات الطاقة، الأسبوع الماضي، أن واردات الديزل الأوربية من روسيا بلغت 770 ألف برميل يوميًّا خلال يناير/كانون الثاني الجاري، وهو أعلى مستوى منذ مارس/آذار 2022.

ويعود هذا الارتفاع إلى قيام شركات الطاقة الأوربية بالتحوط قبيل دخول القرار الأوربي حيز التنفيذ، من خلال شراء كميات كبيرة منه لحين إيجاد مصادر أخرى لاستيراده.

التوجه نحو آسيا

من الدول المرشحة لتكون مورّدًا للديزل إلى أوربا، الصين والهند، اللتان تملكان محطات تكرير قادرة على تلبية احتياجات أوربا من هذا النوع من المشتقات.

لكن المفارقة أن نسبة كبيرة من النفط اللازم للتكرير في كلا البلدين يأتي من روسيا، أي أن أوربا تقوم بشراء الديزل من الصين أو الهند المشتق من النفط الروسي.

ويُظهر تقرير صادر عن مصلحة الجمارك الصينية أن البلاد قد تسجل هذا العام حتى 600 ألف برميل يوميًّا من صادرات الديزل إلى أوربا، وهو ما يجعلها أكبر مورّد له نحو القارة العجوز.

والصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم بمتوسط يومي 10 ملايين برميل، وثاني أكبر مستهلك له بعد الولايات المتحدة بمتوسط يومي 13.5 مليون برميل، وفق بيانات منظمة أوبك.

ويعني هذا أن أوربا ستحتاج على الأقل إلى 8 أسابيع لنقل شحنات الديزل بحرًا، مقارنة مع أقل من أسبوع واحد، عندما كانت روسيا هي المورّد الأبرز.

وتعني زيادة مدة التوريد ارتفاعًا في تكاليف الشحن، يضاف إلى تسابق أوربي للفوز بعقود شرائه من دول بعيدة عن موسكو، وبالتالي يعزز الطلب أسعاره عالميًّا.

المصدر : الأناضول