الأمم المتحدة: مشروع قانون الهجرة غير النظامية في بريطانيا انتهاك لحق اللجوء

وزيرة الداخلية البريطانية خلال تقديمها بيانا عن مشروع قانون الهجرة غير النظامية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة إن مشروع القانون الذي طرحته الحكومة البريطانية ضد الهجرة غير القانونية، يعني “إنهاء لحق اللجوء”، داعية لندن إلى التعامل مع أزمة الهجرة بطرق “أكثر إنسانية”.

وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيان “سيرقى القانون -في حال إقراره- إلى حد إنهاء حق اللجوء، مما سيحرم الواصلين بشكل غير قانوني إلى المملكة المتحدة من الحق في طلب الحماية الممنوحة للاجئين، بغض النظر عن صدق طلبهم وإلحاحه”.

وأعربت مفوضية اللاجئين عن “قلقها العميق” من مشروع القانون، وطالبت بمراجعته، وقالت إن إقرار هذا القانون سيمنع طالبي اللجوء “من تقديم ملفاتهم”.

وأكدت المفوضية أن ذلك “سيكون انتهاكًا واضحًا للاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين”. وقالت إن “معظم الأشخاص الفارين من الحرب والاضطهاد غير قادرين ببساطة على الحصول على جوازات السفر والتأشيرات المطلوبة، ولا توجد طرق آمنة وقانونية متاحة لهم”.

وأضافت المفوضية أن “حرمانهم من الحصول على اللجوء على هذا الأساس يقوض الهدف الذي وُضعت من أجله الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين”.

“قانون ضد الهجرة”

وطرحت الحكومة البريطانية، أمس الثلاثاء، مشروع قانون ضد الهجرة غير النظامية لمنع المهاجرين الواصلين عبر المانش على قوارب صغيرة من طلب اللجوء في المملكة المتحدة.

وقبل أيام من زيارته الأولى لفرنسا، بدا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مصممًا على وقف عمليات العبور غير النظامية المتزايدة لقناة المانش، وهي ظاهرة مستمرة رغم الخطط المتتالية للحكومات المحافظة المتعاقبة، وتقع في صلب التوترات المتكررة مع باريس.

وقال سوناك لصحيفة (ذا صن) إن “هذا القانون الجديد سيبث رسالة واضحة: إذا كنتم آتين إلى هذا البلد بطريقة غير قانونية ستُطردون بسرعة، من يأتي إلى هنا على متن قوارب صغيرة ويعبر المانش بطريقة غير نظامية لا يمكنه طلب اللجوء هنا”.

وتتعامل الحكومة البريطانية المحافظة مع نظام هجرة قديم، خصوصًا بعد وصول أكثر من 45 ألف مهاجر عبر هذا الطريق الخطير العام الماضي، أغلبهم من الألبان والأفغان والإيرانيين والعراقيين والسوريين، ونحو 3 آلاف منذ مطلع العام الحالي.

ويمنع نص مشروع القانون المهاجرين الواصلين بطريقة غير نظامية إلى المملكة المتحدة من طلب اللجوء والإقامة لاحقًا على أراضيها أو طلب الحصول على الجنسية البريطانية، ويسهّل احتجاز المهاجرين حتى ترحيلهم إلى “دولة ثالثة تُعَد آمنة”، ويمنعهم “بشكل قاطع” من إمكانية الاستئناف ضد عمليات الترحيل.

أمّا المهاجرون الواصلون بطريقة قانونية، فستتعامل معهم لندن على أساس حصة نسبية سنوية يحددها البرلمان.

وأمام مجلس العموم البريطاني، وصفت وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان مشروع القانون بأنه “قوي”، وقالت “في مواجهة أزمة الهجرة العالمية، لم تعد قوانين الأمس مناسبة ببساطة”.

ترحيل إلى رواندا

وردًّا على الاتهامات بأن هذا النص يتعارض مع القانون الدولي، أوضحت وزيرة الداخلية لصحيفة (ديلي تلغراف) أنها وسوناك عملا بلا كلل “لضمان أن يكون لدينا مشروع قانون يمكن تطبيقه. تحدّينا حدود القانون الدولي من أجل حل هذه الأزمة”.

من جانبها، ترى هيئات مساعدة اللاجئين أن تشديد سياسة الهجرة باستمرار لم ينفع، معتبرة أن عزيمة المهاجرين ستُثبط فقط في حال طرحت المملكة المتحدة سبلًا قانونية لمجيء طالبي لجوء إلى أراضيها، لكن الحال ليست كذلك حتى الآن.

وقالت مديرة الصليب الأحمر البريطاني كريستينا ماريوت “إذا كنتم هاربين من اضطهادات أو من حرب، إذا كنتم هاربين من أفغانستان أو سوريا وتخافون على حياتكم، كيف ستتمكنون من طلب اللجوء في المملكة المتحدة؟”

وقالت منظمة حقوقية “إذا كان ينبغي طرد أشخاص، فأين تنوي الحكومة إرسالهم؟”. وتعتزم الحكومة ترحيل هؤلاء الأشخاص إلى رواندا بموجب قانون أُقر لكن لم يتسن تطبيقه بسبب إجراءات قضائية حالت دون ذلك.

وترى المعارضة المنتمية إلى حزب العمال أن مشروع القانون بمثابة أداة لتحويل اهتمام الناخبين قبل الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في مايو/أيار، في ظل تراجع شعبية المحافظين بعد 13 عامًا في السلطة.

وقال رئيس حزب العمال المعارض (كير ستارمر) يوم الاثنين “لا أعتقد أن طرح مقترحات مستحيلة سيكون له نفع كبير”.

وكان هذا الملف سببًا لتوترات متكررة بين لندن وباريس المتهمة بعدم القيام بما يكفي لمنع الهجرة عبر المانش، وفي ظل أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة، تُعَد إدارة طلبات اللجوء من قبل الحكومة البريطانية مصدرًا لعدم اليقين بالنسبة العديد من البريطانيين.

وفي منتصف فبراير/شباط، تحولت مظاهرة لناشطين من اليمين المتطرف أمام فندق ينزل به طالبو لجوء إلى اشتباكات عنيفة مع أفراد الشرطة، ونُظمت مظاهرات رافضة للاجئين، مقابل أخرى مؤيدة لهم في بعض المدن.

المصدر : وكالات