بعد جدل واسع.. الحكومة اللبنانية تتراجع عن قرار تأخير العمل بالتوقيت الصيفي (فيديو)

أثار القرار حين صدوره، جدلا واسعا في البلد متعدّد الطوائف والأديان (رويترز)

بعد جدل واسع دام أيامًا، قرر رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي العدول عن قرار مد العمل بالتوقيت الشتوي، واستئناف العمل بالتوقيت الصيفي بدءًا من منتصف ليل الأربعاء المقبل.

ويلتزم لبنان سنويًّا بالتوقيت الصيفي العالمي الذي بدأ هذا العام منتصف ليل السبت، لكن ميقاتي قرر الخميس تمديد العمل بالتوقيت الشتوي “استثنائيًّا” حتى ليل 20-21 نيسان/أبريل.

وأثار القرار جدلًا واسعًا في البلد المتعدد الطوائف والأديان، واتخذ منحى طائفيًّا مع إعلان مؤسسات عدة، على رأسها الكنيسة المارونية ومؤسسات إعلامية ومدارس، رفض الالتزام به. فأفاق لبنان الأحد على توقيتين، وأصبح السؤال الوحيد: “كم الساعة؟”.

وعلى وقع الأزمة التي تخللها انقسام داخل مجلس الوزراء، دعا ميقاتي إلى اجتماع حكومي على جدول أعماله فقط أزمة التوقيتين.

وإثر الاجتماع، أعلن ميقاتي أن المجلس قرر اعتماد التوقيت الصيفي على أن “يبدأ التوقيت الجديد منتصف ليل الأربعاء-الخميس المقبل، لأننا اضطررنا أن نأخذ فترة 48 ساعة لمعالجة بعض الأمور التقنية بموجب المذكرة السابقة”.

وأوضح أن قراره السابق بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي “كان الهدف منه إراحة الصائمين خلال شهر رمضان لساعة من الزمن من دون أن يسبب ذلك أي ضرر لأي مكوّن لبناني آخر”.

واستطرد “فجأة، من خارج السياق الطبيعي والإداري البحت، اعتبر البعض القرار تحديًا له وأعطاه بعدًا لم أكن أتصوره يومًا، لكني قطعًا لم أتخذ قرارًا ذا بعد طائفي أو مذهبي”، مشددًا على أنه “ما كان قرارٌ كهذا يستوجب كل هذه الردود الطائفية”.

وتابع ميقاتي في كلمته “لنكن واضحين، ليست المشكلة ساعة شتوية أو صيفية تم تمديد العمل بها لأقل من شهر، إنما المشكلة الفراغ في الموقع الأول في الجمهورية”.

وأضاف “اليوم حللنا مشكلة واحدة لمواجهة الضخ الطائفي وإسكاته، لكنني أضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية في حماية السلم الأهلي والاقتصاد الوطني وعمل المرافق العامة”.

ولم تذكر الحكومة المستقيلة -التي تكتفي بتصريف الأعمال في ظل فراغ في سدة رئاسة الجمهورية في لبنان متواصل منذ نحو 5 أشهر وأزمة سياسية واقتصادية حادة- سبب قرارها، لكن كان واضحًا من فيديو التُقط حديثًا بين رئيسَي الحكومة نجيب ميقاتي ومجلس النواب نبيه بري وسُرّب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن الهدف تقصير وقت الصوم لدى المسلمين في رمضان.

وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دعا إلى “العودة عن القرار قبل فوات الأوان”، معتبرًا أن قرار تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي سيعرقل كثيرًا من الأعمال خصوصًا على مستوى حركة الطيران والشركات العالمية.

كما أعلنت قنوات تلفزيونية عدة اعتماد التوقيت الصيفي. ورفض كل من حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر المسيحيين القرار الحكومي.

وأعلنت شركة طيران الشرق الأوسط “تقديم مواعيد إقلاع كل الرحلات المغادرة من مطار رفيق الحريري الدولي ساعة واحدة”، بعدما كانت أصدرت بطاقات سفرها بحسب مواعيد التوقيت الصيفي العالمي.

وليس واضحًا ما إذا كانت شركة الطيران ستعيد تغيير المواعيد إثر قرار الحكومة الجديد، الاثنين.

وانقسمت المدارس والجامعات بين من التزم بقرار الحكومة ومن أخّر الساعة وفقًا للتوقيت الصيفي.

كما أعلنت مؤسسات أخرى (مطاعم وصالات رياضية وغيرها) التزامها من عدمه، حتى أن إحدى الصالات الرياضية في بيروت أعلنت اعتمادها التوقيت الشتوي في المناطق ذات الغالبية المسلمة، والتوقيت الصيفي في المناطق ذات الغالبية المسيحية.

وانعكس الجدل أيضًا على مواقع التواصل الاجتماعي، فبينما رحّب ناشطون لبنانيون بتطبيق القرار في شهر رمضان، اعترض عليه البعض، ورأى آخرون أن الأزمة في البلاد أكبر بكثير من مسألة توقيت الساعة.

وسخر معلقون عبر المنصات من الجدل المُبالَغ فيه ومن اتخاذه منحى طائفيًّا، معتبرين أنه غير مبرر خصوصًا في بلد أنهكته الأزمات، ويشهد انهيارًا اقتصاديًّا جعل من 80% من سكانه تحت خط الفقر.

وكتب أحدهم “بعيدًا عن تفاهة قرار التوقيت الصيفي، نرى رد فعل مبالغًا به وحجة للاستفراغ الطائفي”.

وسخر آخر قائلًا “يا هل ترى غدًا حين يدرس أولادنا التاريخ (سيجدون) أن الحرب الأهلية اندلعت في لبنان العام 2023 بسبب عدم تقديم الساعة؟”.

ويأتي ذلك بينما يشهد لبنان أزمة سياسية حادة، إذ فشل البرلمان في 11 جولة منذ سبتمبر/أيلول الماضي في انتخاب رئيس للبلاد خلفًا لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

ويُعَد التوافق على شخصية الرئيس مفتاحًا لانتخابه، لكن الأمر يرتبط بتوافقات إقليمية ودولية، بحسب مراقبين.

كما يمر لبنان منذ 2019 بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه أدت إلى انهيار مالي ومعيشي، فضلًا عن تراجع كبير بخدمات المؤسسات الحكومية، وانقطاع الكهرباء ساعات طويلة على مدار اليوم.

المصدر : مواقع التواصل + وكالات