الغارديان: رسائل ريجيني الأخيرة قبل مقتله في مصر تفند مزاعم التجسس

محتجون في روما يحملون صور الطالب الإيطالي جوليو ريجيني (غيتي أرشيف)

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية آخر رسائل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني عبر فيسبوك قبل وفاته في مصر عام 2016 وقالت إنها عكست مخاوفه بشأن الدراسة في مصر وفندت اتهامات التجسس التي وجهت إليه.

وقالت الصحيفة إن رسائل ريجيني في الأسابيع التي سبقت مقتله تدحض فكرة أنه كان جاسوسًا أو محرضًا سياسيًا، فحتى قبل مغادرته إنجلترا كان ريجيني قلقًا بشأن المخاطر التي ربما يواجهها أثناء عمله على أطروحته بشأن النقابات العمالية في مصر، إذ إنه موضوع حساس في البلاد.

لكن باحث كامبردج -البالغ من العمر 28 عامًا- اعتقد أن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو ترحيله قبل أن يتمكن من إنهاء بحثه، لكنه اخُتطف من الشارع وتعرض للتعذيب وألقيت جثته شبه عارية على جانب الطريق في جريمة قتل وحشية من المقرر أن يحاكم عليها 4 من مسؤولي الأمن المصريين في إيطاليا في أكتوبر/ تشرين الأول القادم.

وكتب ريجيني قبل مغادرته إلى القاهرة في رسائل شاركها صديقه مع الغارديان “مصر في حالة صعبة الآن. الديكتاتورية عادت، وحتى وقت قريب لم يكن من الواضح إلى أي مدى ستكون وحشية. يبدو أن الوضع يستقر الآن لكنه محفوف بالمخاطر جدا”.

وبحسب الصحيفة فإن الاختفاء القسري حدث يومي في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وفي العام الماضي، أبلغت لجنة حقوق الإنسان في البلاد عن 2723 حالة اختفاء قسري خلال السنوات الخمس الماضية، تعرض بعضهم للتعذيب والقتل رميا بالرصاص.

محتجون يرفعون صور ريجيني خلال مظاهرة في روما لإحياء الذكرى الثانية لاختفاء ريجيني (غيتي – أرشيفية)

رسائل ريجيني

قرر ريجيني، الذي سبق أن درس اللغة العربية والسياسة في جامعة ليدز، إجراء بحث لأطروحته في القاهرة من سبتمبر/أيلول 2015 إلى مارس/آذار 2016.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول، أي بعد شهر من وصوله، وصف النقابات باعتبارها “القوة الوحيدة المتبقية في المجتمع المدني” وركز ريجيني في بحثه على الباعة الجائلين، الذين كان عددهم حوالي 6 ملايين.

ووصف ريجيني الوضع في القاهرة باعتباره “كئيبا، لكنه ليس مجنونا مثل عام 2013″ـ وأضاف في إشارة إلى طول فترة الرئيس الأسبق حسني مبارك “هذا الوضع لا يبدو أنه سيستمر 30 عاما أخرى”.

لكن الأمور أخذت منعطفاً مقلقاً عندما رصد ريجيني -في اجتماع لنشطاء نقابيين- شابة محجبة تلتقط صورته على هاتفها مما جعله يشك في أنه يخضع للمراقبة.

كما أعرب عن انزعاجه من بائعين ضايقوه لشراء هواتف محمولة، ومن طلب رئيس نقابتهم المال منه لدفع فواتير طبية. وعندما قال له ريجيني إنه لا يستطيع المساعدة، أبلغ الشرطة عنه وادعى لاحقًا أنه يعتقد أنه جاسوس.

وفي إحدى رسائله الأخيرة على فيسبوك، طلب ريجيني المساعدة في تحسين لغته الإنجليزية من أجل ورقة بحثية كتبها، وبعد 5 أيام اختطف من الشارع وهو في طريقه لقضاء أمسية في الخارج.

وبعد 9 أيام عثر على جثته ملقاة على جانب الطريق السريع بين القاهرة والإسكندرية، وتبين أنه تعرض للتعذيب والضرب والحرق والطعن قبل أن تكسر رقبته بضربة من الخلف بأداة ثقيلة غير حادة.

ما تلا ذلك كان بمثابة تستر واضح من قبل السلطات المصرية، على حد قول الغارديان. فبرغم تعهد الرئيس السيسي -في مقابلة مع صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية- بتعقب الجناة، زُعم بعد ذلك أن قتل ريجيني كان نتيجة عملية سطو على يد عصابة قتل جميع أفرادها على يد الأمن المصري.

غير أن المحققين الإيطاليين اكتشفوا سجلات هاتفية أظهرت أن زعيم تلك العصابة المزعومة لم يكن في القاهرة وقت اختفاء ريجيني. وخلصوا إلى أن وثائق هوية الطالب زرعت في أحد بيوتهم.

وقال شهود عيان إنهم رأوا ريجيني أثناء استجوابه في مقر جهاز الأمن الوطني، فقرر قاضي إيطالي الشهر الماضي أنه ينبغي محاكمة 4 من كبار المسؤولين الأمنيين في مصر.

ويواجه اللواء طارق صابر (الأمن الوطني) والعقيد هشام حلمي (الشرطة) والعقيد آسر كمال (الرئيس السابق لمباحث مرافق القاهرة) والرائد مجدي شريف (المخابرات العامة) تهماً بالاختطاف، كما يتهم مجدي شريف أيضا بالتآمر لارتكاب جريمة قتل.

وأغلقت مصر القضية برمتها ورفضت تسليم المشتبه بهم للسلطات الإيطالية، لذا ستتم المحاكمة بدونهم.

المصدر : الغارديان البريطانية