تحقيق “ثمن الصمت” على الجزيرة مباشر يكشف لماذا دفع النظام المصري نصف مليار دولار لإدارة ترمب (فيديو)

قال خبراء للجزيرة مباشر إن النظام المصري اشترى رضا الإدارة الأمريكية السابقة وصمتها على انتهاكات ملف حقوق الإنسان، وذلك بعد تقرير حصري عنوانه “ثمن الصمت” للجزيرة مباشر.

وناقش برنامج المسائية بواعث دفع النظام المصري نصف مليار دولار لشراء عدد من قاطرات السكك الحديد الأمريكية، وذلك في إسناد الصفقة إلى شركة (جنرال إليكتريك) من دون التقيد بالخطوات المتبعة عادة.

وكان تقرير حصري للجزيرة مباشر قد كشف عن كواليس زيارة مايك بنس -نائب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب- إلى العاصمة المصرية في 20 من يناير/كانون الثاني 2018، والتنازلات التي قدمتها القاهرة على الصعيدين الداخلي والإقليمي تقرّبًا للرئيس الجديد، حينها.

ووفق التقرير، فإن القاهرة سعت حثيثًا لشراء موقف سياسي، تكبّدت فيه نصف مليار دولار أنفقتها في شراء عدد من قاطرات السكك الحديدية من شركة (جنرال إليكتريك) الأمريكية، إلا أن الأعطال المتكررة وضعت النظام المصري في حرج بالغ.

وقال الصحفي محمد المنشاوي المختص في الشأن الأمريكي -في حديث لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر- إن الوثائق الجديدة تكشف بعدًا جديدًا للكيمياء التي جمعت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

واستدرك المنشاوي قائلًا إن تلك الوثائق على جديتها وأهميتها، فإنها لا تشرح الصورة الكاملة لشخصنة العلاقة بين ترمب والسيسي، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن من عوامل تقارب الرئيسين محاولة ترمب البقاء على طرف مغاير لما كان عليه سلفه في البيت الأبيض، باراك أوباما.

وأشار إلى دور النظام المصري في صفقة القرن، وكذلك شراء القاهرة صمت بعض الدول وولاء بعضها علاوة على شراء صداقة دول أخرى، وأكد غياب الشفافية والمحاسبة في مصر.

كما أكد الشناوي أن النظام المصري حاول استرضاء واشنطن بطرق شتى، بدءًا من انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016، ومن ثم دخلت العلاقة بين ترمب والسيسي منحى خاصا.

صفقة الجرارات الأمريكية

وفق تقرير “ثمن الصمت”، فإن السلطات المصرية تجاهلت عروضًا الأكثر تنافسية قدمتها شركات عالمية في مناقصة طرحتها وزارة النقل المصرية، بينما أسندت صفقة شراء قاطرات سكك حديدية إلى شركة جنراك إليكتريك، بل إن وزير الخارجية المصري سامح شكري أضاف تعليقا بخط يده يقول فيه بوضوح “تم تزكية شركة (جنرال إليكتريك GE) للفوز بالمناقصة”.

وعلّق الدكتور مصطفى شاهين -في حديثه لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر- مؤكدًا أن القضية ليست في الجانب الأمريكي أو شركة جنرال إليكتريك، وإنما في الإدارة المصرية التي دفعت هذا المبلغ الكبير في الصفقة لتحسين علاقاتها مع إدراة ترمب، في حين أن شركة جنرال إليكتريك ملتزمة بمدة الضمان ولن تتأخر عن صيانة أو تطوير القاطرات إن طلبت القاهرة ذلك وفق العقد المبرم، ومن ثم يتعين على السلطات المصرية عدم التفريط في حق المصريين ومطالبة الشركة الأمريكية بصيانة القاطرات وفق هذا العقد.

من جهته، ارتأى الكاتب الصحفي مجدي الدقاق أن لكل دولة حق تحسين علاقتها مع الدول الأخرى وفق مصالحها، وتلعب الصفقات الاقتصادية دورًا في تدعيم العلاقات السياسية بين الدول، مشيرًا إلى أن بعض الدول تشتري صفقات سلاح لضمان تمتين العلاقات وتحسينها مع بعضها البعض.

واعتبر الدقاق أن تكبّد مصر شراء هذه الجرارات وبمبلغ نصف مليار دولار ليس عيبًا على الإطلاق، إنما يأتي في سياق تحسين العلاقات مع دولة كبرى بحجم الولايات المتحدة.

وفي السياق، تساءل أسامة سليمان محافظ البحيرة السابق عن بواعث هذه الصفقة، ولماذا تتقرب السلطات المصرية من واشنطن عن طريق الرشوة؟ لا سيَّما وأن مصر تعاني تراجعا اقتصاديا، وديونها العامة في حالة تزايد، مؤكدًا أن هذه الصفقة ترسم علامات استفهام كثيرة تحتاج للإجابة عنها.

قضية التمويل الأجنبي

وفي قضية التمويل الأجنبي، وهي قضية شغلت بال الرأي العام المصري عقب ثورة يناير 2011، واتهمت فيها السلطات ما يقرب من 43 ناشطًا حقوقيًا من دول عدة بإنشاء جمعيات أهلية والحصول على تمويل أجنبي من دون ترخيص؛ فقد ذكر تقرير “ثمن الصمت” كواليس إسدال الستار على هذه القضية، والتي أغلقت في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وكشف التقرير سعي الحكومة المصرية لغلق صفحة التمويل الأجنبي، وذلك عبر طرح مسار قانوني غير تقليدي بما يُفضي لإغلاق القضية بشكل قانوني.

وفي السياق، قال الدكتور خالد محمد أحمد أستاذ القانون والمحامي بمحكمة النقض المصرية -في حديثه لبرنامج المسائية- إن معالجة القضاء المصري لقضية التمويل الأجنبي بالإنابة القضائية لا ينطبق على هذه الحالة، إذ إنها خارجة عن نطاق الإنابة القضائية بالمرة.

وتساءل لماذا أفرجت السلطات المصرية عن المحتجزين الأمريكيين بموجب القانون أو حتى تصحيح المسار ولم تُعامل المصريين بالمثل؟

وفي الموضوع ذاته، قال ستيفن ماكلرني المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية بالشرق الأوسط إن قضية التمويل الأجنبي في مصر مدفوعة سياسيًا منذ البداية، وتعد انتهاكًا للقانون الأمريكي، وإنما استخدمها النظام المصري لاستهداف المدافعين عن الديمقراطية داخل مصر.

وعبَّر ماكلرني عن استيائه من سجن آلاف المصريين في ظل وضع مؤسف لحقوق الإنسان في التاريخ المصري، مؤكدًا أن قمع المصريين وصل مستويات غير مسبوقة شملت الاعتقال والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون.

وقال الدقاق في معرض رده على استخدام القضاء كأداة في يد السلطات إن القضية حقيقية وجرى التقاضي فيها وفق القانون المصري، وتدخل الرئيس المصري بموجب الدستور للعفو عن عددٍ من المحتجزين، وذلك بعد تدخل الرئيس الأمريكي السابق.

وقد ظلت القضية التي تضم متهمين مصريين وأجانب مفتوحة قضائيا، تاركة باب الخلاف بين القاهرة وواشنطن مشرعًا حتى قدمت الحكومة المصرية عرضا سخيا كشفت عنه مذكرة وزارة الخارجية المصرية.

وسعت القاهرة لفتح صفحة جديدة مع الإدارة الأمريكية في عهد ترمب، وبذلت الحكومة المصرية ما وصفته بـ”الجهود الحثيثة لتسوية وضع المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية”.

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في تعليق بخط يده أن الوضع الخاص والمعاملة ذات الأفضلية للمتهمين الأمريكيين تحقق فقط “بعد تجاوب الجانب الأمريكي بإيفاد وفد قانوني لتسوية القضية”، وقد تمتع المتهمون الأمريكيون بمعاملة مميزة، بينما جُمِّدت أموال المتهمين المصريين ومنظمات مصرية غير حكومية وصدرت بحقهم أحكام إدانة ومنع من السفر.

المصدر : الجزيرة مباشر