بدقات “بغ بن” بريطاينا تعلن خروجها من الاتحاد الأوروبي .. وجونسون يصفها بـ”اللحظات الرائعة”

بعد أربع سنوات ونصف من مسلسل خروج بريطانيا الطويل والمليء بالتحولات،من الاتحاد الاوربي فقد خرجت أمس الخميس، نهائيا من الاتحاد الأوربي، لتفتح صفحة جديدة من تاريخها وسط أزمة كبيرة تشهدها البلاد بسبب تفشي كورونا.

واعتبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس الخميس، أنّ خروج المملكة من السوق الأوروبية الموحّدة يشكّل “لحظة رائعة”، مؤكّدًا أنّ بلاده ستكون “مفتوحة وسخيّة ومنفتحة على الخارج“.

وقال في كلمته بمناسبة حلول السنة الجديدة “إنّها لحظة رائعة، باتت حرّيتنا بين أيدينا، ويعود إلينا أن نستفيد منها الى أبعد حدود”.
وأضاف متفائلا بقدوم 2021 “غدا تشرق الشمس على عام 2021، لدينا يقين بشأن اللقاحات التي أنتجت بالمملكة المتحدة، والتي أصبحت حرة أن تدير الأشياء بطريقة مختلفة، وأكثر جودة، إذا تطلب الأمر، من أصدقائنا بالاتحاد الأوربي”.

ويأتي الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد  نصف قرن من الاندماج.

وفي الساعة 23:00 بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينيتش (منتصف ليل الجمعة) في بروكسل وعلى وقع ساعة بيغ بن، أصبح بريكست واقعا بمفعول كامل بعدما خرجت بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي في 31  يناير/ كانون الثاني الماضي لكنها اعتمدت مرحلة انتقالية لتخفيف تبعات هذا القرار.

واعتبارًا من،اليوم الجمعة،1 يناير/ كانون الثاني 2021، تتوقّف البلاد عن تطبيق قواعد الاتّحاد الأوربّي.

 

ساعة بيغ بن تدق الحادية عشرة أمس الخميس موعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوربي (غيتي)

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في كلمته، أمس الخميس، بمناسبة حلول العام الجديد، أنّ المملكة المتحدة ستبقى “صديقتنا وحليفتنا” رغم خروجها من الاتحاد.

وقال إن “خروجها كان ثمرة التململ الأوربي وكثير من الأكاذيب والوعود الزائفة”، مؤكّدًا فيما يتعلّق بفرنسا أن “مصيرنا هو أوربي أولاً”.

وكتب ديفيد فروست، كبير المفاوضين البريطانيّين خلال المحادثات التجارية مع بروكسل، على تويتر “أصبحت المملكة المتحدة مرة أخرى دولة مستقلّة تمامًا”.

وأقرّ نظيره الأوربّي ميشيل بارنييه عبر إذاعة “آر تي إل” بوجود “بعض المرارة”، قائلاً “لم يستطع أحد أن يُظهر لي يومًا القيمة المضافة لخروج بريطانيا من الاتّحاد الأوربي”.

وكتبت رئيسة الوزراء الإسكتلندية نيكولا ستورجن العازمة على إجراء استفتاء آخَر على الاستقلال، على تويتر “اسكتلندا ستعود قريبًا يا أوربا”.

وجاء عنوان صحيفة الديلي إكسبرس الجمعة “مستقبلنا، مملكتنا المتّحدة، مصيرنا”، بينما كتبت صحيفة الغارديان “وسط الأزمة، بلا ضجّة، تُنهي المملكة المتّحدة الحقبة الأوربّية أخيرًا”.

ويُجنّب الاتّفاق الذي وقّع في ربع الساعة الأخير انفصالاً غير منظّم لبريطانيا عن الاتّحاد الأوربي، مع ما يُمكن أن يحمله من تداعيات خطيرة على الاقتصاد، إلا أنّ حرّية التنقّل التي كانت تسمح للسلع والأفراد بالتحرك من دون عوائق، ستنتهي.

وستُواجه شركات التصدير والاستيراد معضلة الإجراءات الجديدة، كما يمكن أن تؤخّر تدابير التفتيش نقل البضائع عبر الحدود.

وستخسر الشركات العاملة في مجال الخدمات الماليّة، وهو قطاع رئيسي في لندن، حقّها في عرض خدماتها بشكل تلقائي في الاتحاد الأوربي، إذ يتعين عليها أن تفتح مكاتب في الدول الأعضاء لتتمكّن من العمل فيها.

وستستثنى الجامعات البريطانيّة من الآن وصاعدًا من برنامج “إيراسموس” لتبادل الطلاب.

شاحنات تستعد لركوب العبارة الأخيرة قبل قيود خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي في ميناء دوفر (الأناضول)

ومنذ استفتاء 23 يونيو/ حزيران 2016 الذي فاز به مؤيّدو الانسحاب من الاتّحاد الأوربي بنسبة 51.9 في المئة؛ تعاقب على حكم المملكة المتحدة ثلاثة رؤساء وزراء، وسُجّلت نقاشات برلمانية عاصفة وطويلة بينما أرجئ موعد الانسحاب ثلاث مرات.

وبسبب هذه العمليّة الشاقّة، لم تُنجَز المفاوضات الصعبة للتوصّل إلى اتّفاق للتبادل الحرّ بين لندن وبروكسل إلا عشية عيد الميلاد.

ورغم إقرار النواب البريطانيين النص الأربعاء الماضي، فإن النواب الأوربيين لن يقرّوه إلا في الربع الأوّل من 2021، مما يتطلب تطبيقا موقتا بالوقت الراهن.

وعلّق وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوربية، كليمان بون، في تصريح لشبكة “ال سي أي” الفرنسية قائلا: ” إنه بلد يغادر الاتحاد الأوربي للمرة الأولى منذ أكثر 45 عاما من العيش المشترك، لكن يجب التطلّع إلى المستقبل رغم هذا اليوم الحزين”.

ويوفّر الاتّفاق لبريطانيا إمكانية الوصول إلى السوق الأوربية الشاسعة التي تضمّ 450 مليون مستهلك، من دون رسوم جمركيّة أو نظام حصص.

لكنّ الاتّحاد الأوربّي يحتفظ بحقّ فرض عقوبات والمطالبة بتعويضات لتجنّب أيّ منافسة غير عادلة في حال عدم احترام قواعده في مجال المساعدات الحكومية والبيئة وحق العمل والضرائب.

وعندما دقّت الساعة 23:00 مساء الخميس بالتوقيت المحلّي، لم تعد المملكة المتّحدة تطبّق قواعد الاتّحاد الأوربي وانتهت حرّية التنقّل لأكثر من 500 مليون شخص بين بريطانيا و27 دولة في الاتحاد الأوربي.

إلا أنّ جبل طارق، يبقى استثناءً، بعد إبرام صفقة في اللحظة الأخيرة مع مدريد لتجنّب عراقيل حدوديّة كبيرة.

تحديات كبيرة

ورغم انتقاداته للاتفاق التجاري الذي اعتبره غير كافٍ، أبدى رئيس حزب العمال المعارض كير ستارمر، تفاؤله معتبرا أن “سنواتنا الأفضل قادمة”.

وشكّل إبرام الاتفاق ومصادقة البرلمان البريطاني عليه انتصارًا لجونسون الذي فاز في الانتخابات بعدما وعد بإنجاز بريكست، إلا أنه يواجه صعوبات كبيرة منذ انتشار جائحة (كوفيد-19).

ويأتي ذلك في وقت شارفت المستشفيات البريطانية، على بلوغ قدرتها الاستيعابية القصوى مع استمرار ارتفاع الإصابات بالوباء.

وتشمل إجراءات الحجر الجديدة جزءا كبيرا من السكان، ما يُغرق البلاد في أسوأ أزمة لها منذ 300 سنة.

وفضلا عن الجائحة، تواجه حكومة جونسون تحديات أخرى هائلة، إذ ستخسر قريبا حليفا كبيرا مع قرب انتهاء ولاية دونالد ترمب في الولايات المتحدة، وهو مؤيد كبير لبريكست، ليحل محله الديمقراطي جو بايدن الأكثر قربا من الاتحاد الأوربي.

وعلى الصعيد الداخلي، فعلى جونسون توحيد صفوف البريطانيين الذين انقسموا حيال عملية الخروج مع تصدّع وحدة البلاد، إذ إنّ إيرلندا الشمالية واسكتلندا صوتّتا ضد الخروج من الاتحاد الأوربي، وتحلمان بالاستقلال.

المصدر : وكالات