ماذا يريد الصدر؟!

مقتدى الصدر

منذ الانتخابات الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انقسم المشهد السياسي الشيعي إلى معسكرين متنافسين: التيار الصدري الذي فاز بالكتلة الأكبر بـ73 مقعدًا، و”الإطار التنسيقي” الذي يتألف من أحزاب وجماعات تابعة للمليشيات التي تدعمها إيران.

والجماعتان تتقاتلان في البرلمان وفي الشوارع، ونظم الجانبان عددًا من الاحتجاجات قبل أن ينظما احتجاجات متزامنة في 12 أغسطس/آب.

بعد الانتخابات مباشرة، نظم “الإطار التنسيقي” احتجاجات ضد التزوير المزعوم في الانتخابات عند الجسر المعلق في المنطقة الخضراء، حيث توجد معظم مباني الدولة والسفارات الأجنبية.

عمل الصدريون وحلفاؤهم السنة والأكراد -تحالف التقدم بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني- على تشكيل حكومة أغلبية، لكن مع وجود ثلث معطل في البرلمان، منع “الإطار التنسيقي” حكومة الصدر والحلبوسي والبارزاني من اختيار رئيس.

انسحب الصدريون من البرلمان في يونيو/حزيران، وأصبح الإطار التنسيقي أكبر كتلة بنحو 40 مقعدًا إضافيًّا من استبدالهم. تقدموا إلى الأمام لتشكيل الحكومة، وترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء. وأغضبت هذه الخطوة الصدريين، إذ إن السوداني مقرب من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي لطالما كان في صراع معهم.

خرج الصدريون إلى الشوارع واحتلوا البرلمان، ومنعوا الإطار التنسيقي من تشكيل حكومة مناهضة للصدر.

نظم الإطار التنسيقي احتجاجه الخاص على الجسر المعلق.

ماذا يريد الصدر؟

وبعد أن اقتحم الصدريون مجلس النواب، دعا زعيمهم مقتدى الصدر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

ويطالب الصدر المحكمة الفيدرالية بحل البرلمان فورًا لفشله في تشكيل حكومة جديدة، ومن الحكومة الحالية لتنظيم انتخابات مبكرة.

بموجب الدستور العراقي، يتطلب حل البرلمان طلبًا من رئيس الوزراء أو الرئيس أو ثلث المجلس التشريعي، يليه تصويت الأغلبية المطلقة في البرلمان، ثم يجب على الرئيس أن يدعو إلى انتخابات مبكرة في غضون 60 يومًا من الحل.

ويطالب الصدر بحل البرلمان من القضاء، وهو ما يتطلب تغييرًا في الدستور، وهو ما يحتاج إلى التصويت من البرلمان. سبق أن طرح الفكرة رئيس القضاء العراقي فائق زيدان.

ما يريده إطار التنسيق

وبينما عبّر “الإطار التنسيقي” عن موافقته على مطلب الصدر، طالب بالعودة إلى البرلمان لتشكيل حكومة جديدة تحل نفسها بعد ذلك وتستعد لانتخابات مبكرة. الصدر يرفض الفكرة.

كما يسعى الإطار التنسيقي إلى تعديل قانون الانتخابات والمفوضية الانتخابية، وكذلك العودة إلى نظام العد اليدوي بدلًا من النظام الإلكتروني الذي تم اعتماده في الانتخابات الماضية.

يسعى أعضاء الإطار التنسيقي لتقليص عدد الدوائر الانتخابية، ويُلقي القانون باللائمة على ضعف تمثيلهم في البرلمان، كما يتهمون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بالتزوير وتزوير الانتخابات.

الصدر يرفض التغيير، وكذلك عرض الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة توافقية مع التيار الصدري.

إذا أجريت انتخابات مبكرة، فمن غير المرجح أن يجمع أي منهما ما يكفي من الأصوات لتشكيل حكومة بمفرده، وسيعود الوضع إلى المربع الأول.

هذا مجال آخر يتطلب تعديل الدستور، ولكنْ على غرار المنطقة السابقة، من الصعب الحصول على اتفاق بين المجموعات المتنافسة حوله.

ماذا تستطيع الحكومة أن تفعل؟

من المحتمل أن تستمر الأزمة لأسباب عديدة، إذ يحافظ الإطار التنسيقي على مواقفه وشروطه حتى لا يبدو ضعيفًا.

وسط هذا الصراع الحاد، دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الأسبوع الماضي، إلى الحوار دون أي شروط مسبقة أو تهديدات أو انتهاكات للقانون.

يعقد الكاظمي اجتماعات منتظمة مع القادة السياسيين من جميع الأطراف للتحضير لإجراء حوار وطني، لكن الأهداف بعيدة المنال إذ تتزايد الجماعتان المتنافستان ضد بعضهما البعض في الشوارع وفي وسائل الإعلام.

يحتاج العراق إلى عقد سياسي جديد، بما في ذلك تغييرات في دستوره الصارم، الذي تم التعجيل بصياغته في عام 2005 وجعل التعديلات صعبة.

هناك حاجة إلى قوانين عقابية للالتزام بالموعد النهائي لتشكيل الحكومة وغيرها من الأنشطة البرلمانية.

بدون حوار وما ينتج عنه من تغييرات قبل الانتخابات المبكرة، فإن هذا الاقتراع -مثل الاقتراع السابق- سيؤدي إلى المزيد من الأزمات.