هل حقا المرأة عدوة المرأة؟!

مي عز الدين

 

لطالما تعجبت من مقولة “المرأة عدوة المرأة” وعجزت عن فهم حقيقتها، بل وكنت متيقنة الى حد ما أنها مقولة ذكورية، معيب جدًا أن تؤمن بها النساء أو أن يتداولنها، بما أنهن يشتركن بالمصير نفسه، في معركة إثبات الذات والسباق للتحرر من القوالب النمطية التي وضعتهن في إطار محدد ومقاييس معينة لا ينبغي الخروج عنها.

إلى أن خضت تجربة جعلتني أستشعر معناها، وللمرة الأولى أؤمن بها حينما حصلت على تزكية لم تحصل عليها الأخريات في مكان عملي، فانفجرت إحداهن لتثبطني وتشكك في إمكانياتي، وبكل صفاقة تنزع صفة استحقاقي لها، فما كان مني إلا أن تذكرت تلك المقولة الحزينة.

حقيقة العداوة المبطنة بين بعض النساء تخدش مصطلح النسوية، وتكسر أساسها المتين الذي يجب حمايته من النساء، لأنه للنساء جميعًا بلا استثناء. فالنساء في الشرق الأوسط يعشن معاناة وهمومًا واحدة ومصائر متشابهة، تحت مظلة العادات والتقاليد البالية والنظرة الذكورية القاسية والدونية التي تهمّش المرأة وتستحقر إنجازاتها وإمكانياتها.

فبعض النساء يحملن هذه الأفكار العتيقة، وتُحارب بنات جنسها بدلًا من مساندتهن والتضامن معهن لكسر حواجز المجتمع الأبوي، الذي يرضخن له مذعنين، والإيمان بأن المرأة كيان مستقل بذاته، لا تحتاج الى وصاية أو رقابة تعيق تطورها.

تصريح عنصري

فعلى سبيل المثال، الممثلة المصرية مي عز الدين ذكرت في إحدى مقابلاتها أن انجازات المرأة ليست كافية، ولا دليل على نجاحها إن لم تتزوج وتكوّن أسرة. فمثل هذا التصريح العنصري -الذي لا ينصر المرأة أو حتى ينصف دورها بصفتها إنسانًا إلا بوجودها تحت ظل رجل قد يكون أقل منها في الكفاءات والمنطق العقلي- يثير ويحرّض بعض النسوة على اعتناق تلك الأفكار، والاستهانة بدورهن ودور الأخريات مهما بلغت مكانتهن في المجتمع، والرضوخ بالأدوار التي فُرِضت عليهن، مما يزيد من حدة العداوة بين النساء في حال الخروج عن تلك الأدوار.

في كثير من الأحيان يكون للغيرة أو المنافسة الشديدة دور في العداءات أيضًا بين النساء في الأماكن الأكاديمية، مثل الجامعات أو حتى في أماكن العمل التي تغص بهذه المأساة بشكل علني وواضح.

وهناك قصص وحوادث كثيرة تعاني منها النساء بسبب تأثر بعضهن بالبيئة الذكورية التي تلغي قيمة المرأة وتصنفها مواطنًا درجة ثانية، فتتبرمج عقولهن ويضعن أنفسهن والأخريات كما يصنفها الرجل وأقل من ذلك بكثير.

ولكي تتحرر النساء من النظام القمعي والأبوي لا بد أن يؤمنّ بأن اهتمام المرأة بالأخرى ضرورة، ودفاعهن عن بعضهن معناه أنها واعية بحقوقها، ومستعدة للمحاربة من أجل تحقيق ذاتها وتقرير مصيرها بلا ضغوط من المجتمع وقيوده.