تفسير ونظر لمعنى القضاء والقدر

أسئلة قديمة، جديدة، ما انفكت تطرح وتأتي اجاباتها تترا وفق ما في العصور من درجة معرفة، هذه الاسئلة ركيزة فكرية في النظرة الى الكون والانسان والحياة وستبقى تستحدث اعماقها مع تقدمنا بمعرفة هذه الثلاثية التي لا يعد فكرا من لا يشكل نظرة حولها، نسبت الامور هذه للغيبية، وتاه العلماء في البحث عن تفسير في الفلسفات القديمة، لكن اجوبتها واضحة في القرآن كل ما ينقص هو درجة المعرفة عبر الزمن فما هو القضاء؟ وما هو القدر؟ وما هو علم الله …. وهل الانسان مخير ام مسير؟

ما هو القضاء؟

قضاء الله(خاصة): هو ما اقره الله من اسس خلقه ومواصفات ما خلق لا تبديل فيه ولا ارادة او سلطة لغيره، كالإنسان واجهزته الحيوية العاملة والقوانين الكونية كحركة الكواكب والمجرات، والسموات السبع، وهذا مذكور بآيات قرآنية بوضوح وتتبع الالوهية.

ما هو القدر:

قدر الله (خاصة): هو الاقوات والارزاق، وحركة الرسالات والرسل، فهي مواعيد تتفاعل مع الزمن والحياة وهي من الربوبية.

الانسان مخير ام مسير؟

وهذا السؤال هو اشكالية الربط بين الفلسفة اليونانية الوثنية ونظرية الفيض بالذات كما فعل الفارابي وابن سينا، وذهب الرازي الى قدم الخلق، لكنها كلها تنطلق من فهم يحتاج زماننا أكثر من زمانهم. سؤال الانسان مخير ام مسير ــــ الذي جعل في الاسلام فرقا كالجبرية والقدرية والمعتزلة والاشاعرة والمارتيدية، وقيد الفلاسفة تفكيرهم بما ظنوا انه يفسر ماهية الخالق بالمنطق بينما من يقود الفلسفة المنبثقة من القرآن (يسميها القرآن الحكمة) ــــ سؤال وهمي لا وجوب له لمن فهم معنى القضاء والقدر وميزهما عن علم الله وهو صفة الالوهية بمعرفة ما يعد غيبا عندنا.

علم الله:

اما من خلق الزمن فهو لا يخضع لخلقه كذلك النفس البشرية وهي من مشيئة الله لا تخضع للزمن، فلا تهرم كما يهرم الجسد وبالتالي توازنها بما ملكت من معرفة، راقبوا انفسكم وراقبوا الاطفال واستقلاليتهم التي يروضها الاباء للعادات والتقاليد او لمنظومة القيم العاملة في المجتمع لكنها تبدأ بكينونتها الخاصة وارادتها الحرة، فالإنسان مهدي للسبيلين (وهديناه النجدين)، فقول الله “يعلم” هذا لا يعني قضاء او قدرا وانما ما عندنا غيبا ليس غيبا عنده.

اما الانحراف في التفكير بما يفسد الفطرة ثم جعله مقدسا هو ما ينحرف بالخليقة، وما نراه اليوم اسقاطات تاريخية لأفهام متعددة اضحت مقدسة بالجهل والكسل من المتعلمين، وفصل الواقع عن المعتقد مع التطور العلمي جعل الانسان في التخلف الفكري والعقدي الذي نراه.

اين الانسان في هذا؟

فهم وضع الانسان في الخليقة كعنصر منها وليس مخلوقا خارجا عنها هو امر ضروري؛ وان السنن الكونية ماضية فيما خلق الله، فالأنسان قضى الله خلقه هكذا له القدرة على التفكير والابداع والاختيار بطبيعة خلقه، مثلما الشمس تجري لمستقر، والارض تدور الدورتين، والسماوات سبع، فليس في الامر تخيير او تسيير وانما هو ضمن القضاء والقدر نفسه ، كخلق المسيح من بويضة آدمية رغم انه ليس من بني آدم او مكلف بالسلالة كما هم بني آدم، سنن وقوانين الكون سارية عليه لكن طبيعة خلقه البشارة وفعله بقدرات ليست آدمية، فهو خلق آخر استخدم بويضة تحمل مواصفات الجسد الذي يتحمل الاجواء والانواء، فكان بعد كن، فكل شيء بالإرادة والارادة حاضرة في الحياة الكونية فاعلة وتفتح ابواب الرزق بأنواعها وتيسر حتى ما اكتبه الان، لكنه فعلي وقولي لم يخلقه الله وانما خلق سنته، كون القدرة على الكتابة وتدبر المعرفة نوع من الرزق.

قلنا الانسان يقع في قضاء الله من حيث خلقه وفي قدره من حيث رزقه، فمسالة اتخاذه القرار هي من طبيعة خلقه فأما سلوكه فهو يتأثر بسنن الكون، فهو متأثر بالقضاء، وفعله هو ذاته وهذا يأتي في القدر، من حيث رزقه في عقله وتدبيره او ماله واهله وهي موزعة بعدل بين الناس وهذا معنى قل كله من عند الله، بما قضى الله، وبما فعلت ارادة الانسان وعزمه اي فهمه لكل هذا، واما اساءة فهم سنن الكون فهو سوء ضعف عزم وسوء استخدام للمنظومة العقلية فهو من انفسكم.

الانسان ليس منفصلا عن خلق الله او سننه وقوانينه، فهو وضعها لكل خلقه ومنها الانسان وما نعلم من خلقه وما لا نعلم.

فالخلق هو عظمة ارادة الرحمن عن مشيئة، والمشيئة شيء وليس عدما؛ فالوجود من مشيئته ومشيئته ان يكون الانسان بهذه الارادة الحرة وتلك المنظومة العقلية الخارقة التي تقدر على اشادة صروح اضعاف مضاعفة عن حجمه بعلمه وتخطيطه وسلوكه، والانسان تتفاعل به الغرائز والحاجات، والقيم.