لماذا القارة العجوز قربان للنظام العالمي الجديد؟

مقبرة جماعية لضحايا فيروس كورونا في جزيرة هارت في نيويورك

فعلى بلاط حلبة الموت الرومانية التي قتل فيها ما يقرب من نصف مليون إنسان، تجد رهبة الموت حاضرة ورائحة الدم تملئ الهواء.

جلست على كرسيها المصنوع من عظام أدمية عجوز شمطاء، حفرت القسوة أخاديد وجهها وشققت الدماء التي سفكتها خطوط يدها،فبالرغم من قرون عمرها، ما زالت تستمتع بألم الضعفاء، فمنذ عصورها المظلمة وهي تقتات على دماء الأبرياء،وتبني حضارتها التي تفاخر بها بجماجمهم وعظامهم.

 فعلى بلاط حلبة الموت الرومانية التي قتل فيها ما يقرب من نصف مليون إنسان، تجد رهبة الموت حاضرة ورائحة الدم تملأ الهواء،وبعين التاريخ يمكنك أن ترى تلك الاجساد النحيلة التي كتب عليها أن تقتل بسيوف أصدقائهم ، أو تنهشهم أنياب تلك الحيوانات المفترسة التي أطلقها رجال الإمبراطور كي تتمتع تلك الجموع التي لا يستر عوراتها سوى القليل من الأثمال المهترئة،وبالجانب الآخر يجلس السادة منتشين بلون الدم.
ومن روما، إلى الحروب الصليبية التي تفننت في قتل المسلمين طمعا في كنوز الشرق، ومن قتل المسلمين في الشرق إلى محاكم التفتيش بالغرب في الأندلس وكيف كان رجال الدين لديهم يتمتعون بصرخات المسلمين من التعذيب والقتل؟

لم يمض يوما ربما لم يقدم الدم كقربان لتلك الساحرة العجوز تحت مسميات مختلفة،دينيا مرة كالأندلس والحملات الصليبية،

وتنويريا مرة في صور الاحتلال الذي لم يترك بقعة على الأرض لم يدهسها،ثم إصلاحيا ديمقراطيا يتم تخريب اقتصاد كل الدول التي لا تحمل شعوبها الدم الأزرق،لتظل تابع يستنزف كل ثرواته لصالح الرجل الأبيض.

تلك العجوز هي أوربا التي قامت حضارة على دماء المسلمين، وتجارة العبيد بأفريقيا،وجماجم الهنود الحمر بأمريكا، والتطهير العرقي بأستراليا،كل ذلك من أجل صناعة اقتصاد ضخم تحت غطاء مخملي أطلقوا عليه الحضارة.
حضارة تنادي بمساواة بين البشر لا وجود لها على أرض الواقع فالكل في خدمة السيد.

هكذا كان الحال على مر التاريخ،  أوربا تحمل السوط بيدها لتلهب به ظهر العالم إلى أن آتى النظام العالمي الجديد بعد اصطناع حربين عالميتين مات فيهما الملايين وانهارت دول واختفت امبراطوريات لينتقل السوط من يد أوربا (التي بدأ الشيب يخط ملامحها )إلى أمريكا.

لكن أكثر ما يؤرق أوربا ليس أنها فقدت السوط فما زالت حتى كتابة تلك السطور تقتات على ثروات مستعمراتها التى صوريا أصبحت مستقلة، ما يؤرقها أنها أصبحت عجوز ا بسبب اختلال في الهرم السكاني لديها وانتشارالشيخوخة، إذ يعيش فيها أكبر نسبة من المسنّين بالعالم، حيث يبلغ عدد سكانها مليار نسمة تقريباً، فإن حوالي 191 مليون شخص منهم تتجاوز أعمارهم الستين، أي بنسبة 25% من السكان.

ووفقاً للمعايير العالمية، فإن مجتمعاً تجاوزت فيه نسبة أعمار الستين عاماً أو يزيد؛ أكثر من 10% من تعداد السكان؛ يعد مجتمعاً يعاني  الشيخوخة.

وهذا التفاوت المتزايد بين الكبار والصغار في السن سيؤدي إلى فجوة ،هذه الفجوة سيكون لها  تبعات اجتماعية واقتصادية عميقة ستؤثر سلبيا على النمو الاقتصادي.

أن القوة الاقتصادية التي بنيت على مر قرون أصبحت مهددة بسبب العجائز،ليس عجائز العمر فقط، بل عجائز الإقتصاد أيضاً

فهل يمكن لأوربا أن تضحي بتلك الفئة من أجل حماية اقتصادها الذي أصابه العجز كحالها، أم إن الاعلان عن قرب ظهور نظام عالمي جديد يحكم باقتصاد موحد ودين موحد سيكون القربان الذي يقدم على مذبحه هو القارة العجوز نفسها،لتختفي الدول التي أصبح اقتصادها عاجز عن المواصلة والتي أعلنت هي نفيها ذلك متحججة بأعداد كبار السن بها وإنهم سبب عجزها
تجيبنا عدة مواقف لدول مختلفة..

إيطاليا
 صاحبة أكبر عدد من المسنين
 المفوضية الأوروبية تمنح روما مهلة حتى 13 نوفمبر 2019من أجل إعادة تقديم مقترحها بشأن الإنفاق والضرائب بعد أن رفضت المسودة الأولى التي تشكل انتهاكاً ً لقواعد الاتحاد الأوربي المالية. ومن المقرر أن تواجه إيطاليا إجراءات العقوبات والغرامات إذا رفضت الامتثال.
فرنسا
الرئيس الفرنسي ماكرون يبدي انزعاجه الشديد من إصرار الحزب الديمقراطي المسيحي الفرنسي على إدراج مخصصات التقاعد لأكثر من 15 مليون فرنسي ضمن موازنة 2020 بدون استثمار أموال صندوق الإعانة والمعاشات
واضرابات في فرنسا..

ألمانيا
المستشارة الألمانية ميركل تتحدث عن الفئات التي تكلف ميزانية ألمانيا مئات ملايين سنوياً بدون تفعيل نظام عادل للضمان الاجتماعي بعد وصول سن ال60

أمريكا
نائب الرئيس الأمريكي يهاجم الديمقراطيين في مجلس النواب لتمسكهم بعدم المس بقانون الضمان الاجتماعي الذي يصر ترمب على تغييره.
أحداث قد نراها متفرقة لا يجمعها شئ إلى أن ظهر كوفيد19 الذي أخذ في حصد أرواح عجائز  والمرضى لينهي ذاك الصداع لحكوماتهم التي أظهرت ضعف  منظوماتهم الصحية.

ويبدو أن  (كوفيد 19) هو البديل الحالي  الذي سوف تتوارى من خلاله دول داخل مقابر الأموات، فهو بديل القنايل التي طمست بلادا قديما .
هل ما نحن فيه هو إعادة لنفس السيناريو ولكن بطريقة مختلفة؟

هل قرر المتحكمون من خلف الستار تطبيق نظرية دارون البقاء للأصلح حتى لو كانت الدماء هذه المرة دماء أوربا؟ ستحمل لنا الأيام القادمة الإجابة.

 

 

 

 

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها