لماذا يتجنب الجيش الإسرائيلي تفعيل سلاح البر؟

 

 

يعد سلاح البر من الاسلحة المهمة بالجيش الإسرائيلي والذي يسخر له ميزانيات ضخمة تكون أحيانا محل خلاف في الأوساط الاسرائيلية ويقدر الحجم الحالي للقوات البرية الإسرائيلية بـ 200 ألف جندي نشط، و500 ألف جندي في الاحتياط.

تعتبر حرب العام 2014 التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة هي آخر حرب خاضها سلاح البر في الجيش الإسرائيلي، والتي تكبد فيها خسائر بشرية واضحة، حيث كشفت بيانات رسمية إسرائيلية حينها عن مقتل 68 عسكريًا من جنودها، وإصابة 740 عسكريًا، حوالي نصفهم باتوا معاقين.

الأسباب:

منذ ذلك الحين تتجنب إسرائيل في كل التصعيدات الأخيرة التي تلت الحرب مع قطاع غزة أن يتدخل سلاح البر وذلك للعديد من الأسباب والتي أريد في هذا المقال ان أسلط الضوء على أهمها.

 السبب الأول: بالرجوع لحرب 2014 بدا واضحا استعداد المقاومة الفلسطينية على الأرض من خلال المواجهة من مسافة الصفر التي أرادتها لتحييد سلاح الجو الذي يتفوق فيه الجيش الإسرائيلي حيث كانت هناك حالة من التكافؤ على الأقل في النزال البشري.

السبب الثاني: هو حالة انعدام الثقة المنتشرة في صفوف الجنود على الأرض حتى وصلت لعدم الثقة في الدبابات والمدرعات التي يعتبر الجنود أنها لن تصمد أمام ضربات المقاومة وستكون قبورا لهم إذا ما دخلت لغزة في أية حرب قادمة. وهو ما دعا مندوب شكاوى الجنود السابق بالجيش الإسرائيلي، اللواء احتياط يتسحاك بريك للقول إن سلاح البر في الجيش الإسرائيلي لا يثق في نفسه، والجيش الإسرائيلي اليوم غير مستعد لتحمل الخسائر البشرية، ولذلك لا يقوم بتفعيل ذراع البر.

السبب الثالث: حالة التهرب من الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي حيث أظهر آخر الاستطلاعات أن أكثر من 50% من الإسرائيليين لا يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإسرائيلي. كما أن التوقعات تشير إلى أن نسبة عدد الإسرائيليين الذين يتهربون من الخدمة العسكرية بالجيش الإسرائيلي ستزيد بشكل ملموس خلال السنوات المقبلة.

السبب الرابع: حالة عدم الجهوزية داخل الجيش حيث كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، النقاب عن تقرير سري، يتحدث عن إخفاقات خطيرة في جهوزية أهم وأكبر فرقة برية بالجيش الإسرائيلي. ووفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت، أكد التقرير أن 52% من المركبات (دبابات وشاحنات وإسعافات) في هذه الفرقة، غير مؤهلة لخوض حرب برية مفاجئة على الجبهة الشمالية.

السبب الخامس حالة الجهوزية لدى المقاومة الفلسطينية فمنذ انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة والمقاومة في حالة إعداد مستمر سواء على صعيد الإنفاق أو التصنيع العسكري ضمن سياسة مراكمة القوة التي انتهجتها في غزة وذلك بشهادة الاحتلال أيضا الذي يراقب غزة جوا طوال الوقت ويتابع ما يجري على الأرض.

قبل التفكير:

كل هذه الأسباب وغيرها تشكل تحديا كبيرا أمام قادة الجيش الإسرائيلي قبل التفكير في خوض حرب برية جديدة مع قطاع غزة لذلك يكتفي باستخدام سلاح الجو وسلاح المدفعية وهذا بدا واضحا في التصعيدات الأخيرة مع قطاع غزة حيث إن أغلب الأهداف التي قصفها الجيش الإسرائيلي تمت بالقصف الجوي والمدفعي.

يحاول الجيش الإسرائيلي بشكل مستمر تعزيز الكفاءة القتالية لدى جنوده على الأرض ففي نهاية العام 2020 الجاري تنتهي  خطة “جدعون” التي أعدها رئيس الأركان السابق آيزنكوت، والتي كان الهدف منها جعل الجيش الإسرائيلي أكثر استعدادا لتحديات المستقبل كما أنه من المقرر أن الكابينت الاسرائيلي  سيصادق قريبا على خطة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي متعددة السنوات والتي تحمل اسم  “تنوفا”، غير أن الخطة يعترض طريقها الكثير من المعوقات وهي  أنها تحتاج إلى ميزانية كبيرة، وقد تعارض وزارة المالية الإسرائيلية ذلك بالإضافة  إلى النقص في القوى البشرية بالجيش، وانعدام الدافعية لدى الجنود المستجدين، للانخراط في الألوية القتالية بذراع البر.

بعد كل هذه المعطيات أصبح واضحا السبب الحقيقي وراء تحييد سلاح البر في الجيش الإسرائيلي. ويبدو أن قرارا بخوض حرب جديدة يستخدم فيها سلاح البر هو بمثابة مغامرة قد تكلف صاحبها مستقبله السياسي، كما حصل مع قادة سابقين من قادة الاحتلال ليبقى سلاح الجو والمدفعية هما نقطة القوة التي يتباهى فيها الجيش الإسرائيلي ليس فقط في قطاع غزة بل في المنطقة كلها.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها