احذر من هؤلاء الكتاب !

احذر من هؤلاء الكتاب

من قال إننا أحرار؟

في الحقيقة نحن لسنا كذلك، نحن أسرى تجاربنا وجراحاتنا ونزواتنا، نستسلم لها فنصير عبيدا لها مسلسلين، أو نغلبها تارة وتهزمنا تارة ، فتضعضع منطقنا وتحول نظرنا عن الأمور المهمة لتوافه نظن أنها تداوي جراحنا، كتاب ومفكرون وقادة رأي ، توزن كلماتهم بميزان الذهب اذا ما ابتعدوا عن الحديث عن مناطق جرحوا فيها سابقا ثم يهبط منطقهم وتُمَرّغ حجتهم فور أن يخوضوا في مواطن جراحاتهم.

صدمتني كتب كاتبين كبيرين مؤسِسَين في بعض القضايا فقرأت سيرتيهما فوجدت أن كل واحد منهما مر بتجربة لم يتعاف منها، قيدت كلماته وقزمت رؤيته في بعض المواطن خلطا رصين كلامهما بالغث وأضاعا سنوات من عمرهما الغالي في الرد على تفريعات ومناقشة أقزام ولو استبدلا ذلك بالكتابة فيما يفيد لنفعا وانتفعا ثم بحثت فوجدت أن هكذا خلق الله البشر ليس فيهم من يملك القدرة على التنظير في المطلق.

كل منهم يتحرر بقدر قدرته على الفكاك من آلامه وتجاربه والتسامي عليها وهو التحرر الذي لا يصل أبدا للكمال وهذا المعنى قديم قدم وجود الإنسان على الأرض أدركه الأولون فكتبوا

إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى *** فأولُ ما يجني عليه اجتهادُهُ

ورسخه القرآن في مراجعاته المتكررة للرسول صلى الله عليه وسلم في غير موضع قال في أحدها

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾

وفي أخرى يقول

﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾.

وقبله رأينا في تاريخ الأنبياء إعدادَ الله لهم وتنشئتهم في بيئات تساعدهم على أداء رسالاتهم فيما بعد

فإذا كان سادة الخلق يُعصمون بكتاب الله فمن يَعصمنا نحن ؟!

والحل لهذه المعضلة كما أرى يتمثل في :

١- تنويع مصادر الاطلاع.

٢- الاهتمام بسيرة الكتاب والمفكرين وتاريخهم وتجاربهم والمنظومة التي نشأوا وعاشوا فيها.

٣- الاهتمام الشديد بالصحة النفسية لمن يخوض المجال العام ويحاول التخلص من جراحات الماضي والتغلب عليها.

٤- وكل هذا بعد الاستعانة بالله العاصم من الزلل.

المدونة لا تعبر عن موقف أو رأي الجزيرة مباشر وإنما تعبر عن رأي كاتبها